تمكن نظام الأسد من تجيير المعركة مع تنظيم "داعش" شرقي السويداء لمصلحته، بعد أن أتم الأخير المهمة كما أريد لها، ونجح النظام في فرض ما أراد على محافظة السويداء بعد رفضها الانخراط في مشروعه وتجنيد شبانها في صفوف قواته، وربما لم يتوقف عند هذا الحد في استثمار التنظيم، فقد ذهب أبعد من ذلك وباتت هذه الورقة وسيلة للضغط على التحالف في قاعدة "التنف" إذ يقدمه الروس بوصفه المقاوم للإرهاب.
تلول الصفا ومختطفات السويداء
تمكنت قوات النظام من بسط سيطرتها على منطقة "تلول الصفا" بعد انسحاب مفاجئ لتنظيم "داعش"، ممّا أثار تساؤلات حول هذا الانسحاب، الذي تزامن مع إطلاق سراح المختطفات من ريف السويداء، وحصول التنظيم على مبالغ مالية ضخمة، الأمر الذي ربما مهد الطريق أمام النظام للتغلغل في المحافظة وكسب الحاضنة الشعبية.
(نور الرضوان) مدير شبكة "السويداء 24" قال لبلدي نيوز: "قوات النظام سيطرت على غالبية المناطق الوعرة في بادية السويداء وبادية دمشق، بعد انسحاب مقاتلي التنظيم منها باتجاه بادية حمص، فيما لا يزال يشتبه بتواجد بعض خلايا للتنظيم، لكن العملية العسكرية انتهت وغالبية قوات النظام انسحبت من المنطقة بعد نشر نقاط محدودة فيها، ممّا يعني وجود احتمال لعودة التنظيم في حال قرر مهاجمة المنطقة بالفعل لاحقاً، خصوصا أنه انتقل لبادية حمص في مساحات واسعة يصعب تغطيها ويسهل للتنظيم التحرك فيها".
وأضاف (الرضوان)، "المعركة استغرقت أكثر من ثلاثة أشهر حتى تمكن النظام من السيطرة على المنطقة، والتنظيم قاوم بشراسة منقطعة النظير، إلا أن مقاومته انهارت بشكل مفاجئ وانسحب على دفعات من المنطقة خلال الأسبوع الماضي، وتشير جميع الوقائع لوجود اتفاق بين الطرفين يقضي بانسحاب "داعش" من المنطقة".
ويرى المتحدث إن النظام استغل القضية في الترويج لنفسه أمام المجتمع الدولي بحماية الأقليات، ووجه رسالة لأهالي محافظة السويداء مفادها أنه الجهة الوحيدة القادرة على حمايتهم، في محاولة لإعادتهم إلى بيت الطاعة وتجنيد أكبر عدد ممكن من أبناء المحافظة في صفوف قواته، وهو ما صرح به الأسد علنا لأهالي المختطفين أثناء استقباله لهم في دمشق، وحمّلهم رسالة للمتخلفين عن الخدمة في السويداء.
النظام و"داعش" بمواجهة قاعدة التنف
استغل الإعلام الموالي لنظام الأسد وروسيا الهجمات شرق محافظة السويداء، لتوجيه الاتهام لقاعدة التنف واتهامها بدعم تلك الهجمات، حيث ردّ الجيش الحر وقتها تلك الاتهامات مؤكداً أن وجود جيش مغاوير الثورة وقاعدة التنف هو بالأساس لمحاربة تنظيم "داعش".
وقال (أبو ماريا) عضو المكتب الإعلامي الخارجي لجيش مغاوير الثورة: "لا يمكن وجود تعاون بين فصيل جيش مغاوير و"داعش"، فالفصيل يتركز عمله بشكل كبير على محاربة التنظيم، ولا يمكن دعمهم بأي شكل من الأشكال".
وأضاف، "النظام كان ولا يزال يستغل الظروف الدولية ضد قاعدة التنف، بسبب عدم رضاه عن وجود القاعدة، فهو يحاول باستمرار بث شائعات ضد جيش المغاوير كان آخرها الحديث عن سرقة للمساعدات التي دخلت مخيم الركبان، بالرغم أن عمل الجيش اقتصر على حماية القوافل ولم يتدخل بتوزيع المساعدات حتى".
وأكد أن قوات النظام تحيط بمنطقة الـ 55 وتفصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة جيش مغاوير الثورة و"داعش"، ممّا يرجح تورطه بالهجمات التي تعرضت لها منطقة الـ 55 وشرق السويداء، وهذا يؤكد استحالة دعم التنظيم انطلاقاً من التنف بأي شكل من الأشكال، ولا شك أن النظام يحاول إبعاد تهمة التعامل مع "داعش" من خلال الصاقها بجيش المغاوير، فجميع الدلائل تؤكد وجود تنسيق وتعاون بين النظام و"داعش" منذ سنوات وليس الأمر بجديد".
وكشف أن تسليم مختطفات سويداء جرى في بادية دير الزور في منطقة "معيزيلة"، بالرغم من حصار النظام لـ "داعش" في المنطقة، فالنظام استغل ملف "داعش" في الجنوب وفي بادية دير الزور، والتحالف و"قسد" يضيقان الخناق عليه شرق الفرات ممّا يرجح انتقاله إلى غرب الفرات بهدف الضغط على قاعدة التنف، والدليل الفعلي على ذلك هو إبقاء النظام لجيوب "داعش" شرق وغرب قاعدة التنف.