قال المؤرخ الهمداني : ” يافع قبيل ضخم ، مرهوب الجانب ، شديد الشكيمة ذو إباء وشمم وعروبة يعربية وهم دائماً لقاح لا يدينون لسلطان ، وإقليمهم فسيح ، ومخلافهم وسيع ، ولا ناقلة فيهم ” ونستدل من الجملة الأخيرة أن يافع قل الإختلاط بغيرها من بطون القبائل الأخرى ، ومما ذكره الهمداني في كتابه الإكليل من أن قبيلة يافع تعتبر أنجد حمير اليمن ، وذكر مؤرخون بقولهم أن يافع أنجد بيت في حمير ، ويتبين لنا أن هذه المقولة لم تطلق جزافاً إذ أن هذه العادات تتوارث جيلاً بعد جيل وتشتهر القبيلة بصفات معينة وتتوارثها عبر التاريخ فنرى أن يافع وفدت على حضرموت مع الملك الحميري سيف بن ذي يزن لتحريرها من الأحباش كما ذكر ذلك المؤرخ عبد القادر بامطرف ، وهي أيضاً من حمت حضرموت وسواحلها من الإستعمار البرتغالي والتركي وأيضاً هي من حررت حضرموت من الغزو الإمامي ، ونلاحظ أيضاً عندما تستعين القبائل بيافع لردع ظالم أو للغزو من دون مقابل مما يبين لنا أن هذه العادات الأصيلة متوارثة من أجدادهم وآباءهم ، كإستعانة قبائل حضرموت بيافع وقبائل لحج وأبين وشبوة والضالع بل كانت تطلب النجدة من يافع ، القبائل الأخرى كقبائل البيضاء ورداع لذا أستحقت يافع أن تكون رأس الشافعية وحاميتها من المد الزيدي الإمامي وكما أطلقت العبارات فيها كقول أئمة الزيدية : لولا اليوافع ما همينا الشوافع دليل واضح على وقوف يافع في وجه الغزو الإمامي على مدى أكثر من أربعة قرون بل يتعدى ذلك بكثير إذا علمنا أن الطاهريين ملوك اليمن في القرن العاشر الهجري هم يافعيين من سلالة الذراحن ، كانوا من ألد أعداء الزيدية في صعدة ، وطبيعة الحال وكما أن يافع لها الرياسة بين قبائل حمير فهي وريثة حمير ورأسها وأيضاً تعتبر حمير رأس العرب ونابها كما وصفها الرسول – صلى الله عليه وسلم – .

وإذا نظرنا إلى وفود إسلام حمير نجد أن من بين الثلاثة أشخاص الذين وفدوا على النبي ، صحابي من بني يافع والحال نفسه في وفد إسلام ذور رعين ، وهذا أيضاُ دليل على مكانة يافع بين قبائل حمير ، ويجدر أن نذكر أنه ظهر من اليوافع كثيرمن الملوك والأمراء وذلك بطبيعة النزعة الحميرية الأصيلة التي ورثوها من أجدادهم ، وإذا علمنا أن يافع ينتهي نسبها إلى الملك الحميري الشهير يريم ذو رعين بن الحارث الحميري الذي أشتهر بقصته مع التبع الحميري الذي نقلت قصته كتب التواريخ والسيرة ، والذي يقال أنه أول من تكلم بالمثل الشهير ” ألا من يشتري سهراً بنومٍ ، ونلاحظ عندما نقرأ كتاب الهمداني الإكليل والذي ذكر فيه أنساب حمير أن البطون التي تنتمي إلى الجد يافع تبدأ بكلمة ” ذو ” وهي كلمة تطلق على أشراف حمير ومن لهم مكانة في المجتمع الحميري قديماً ونذكر منهابعض من ذكرها الهمداني : ” ذو صائد – ذو كلد – ذو ذرحان ” وغيرها . ومن الملاحظ أن ذرحان هو أحد أحفاد يافع وقد ذكر أسمه في أحد النقوش بوصفه أحد القادة الحميريين والمعروف أن بلاد يافع المسماة بــ ” سرو حمير ” هي الموطن الأصلي للحميريين وهي المنطقة التي تأسست فيها مملكة حمير والتي حكمت اليمن ومناطق شاسعة من الجزيرة العربية بل أمتد حكمها في بعض الأحيان إلى الشام ومصر وغيرها ونسجت حولها القصص والأساطير كما ذكر ذلك المؤرخ جواد علي في كتابه المعروف ، ودلت العديد من النقوش على ذلك، وسرو حمير معناها شرف حمير وهي منطقة جبلية وعرة كما ذكرالجغرافيون .

وقبيلة يافع هي القبيلة الحميرية الوحيدة التي ما زالت محافظة على كيانها القبلي والإجتماعي بخلاف الكثير من قبائل حمير التي أندثرت ولم يعد لها وجود ، وكما وصفها الهمداني بأن يافع : ” لقاح لا يدينون لسلطان ” وكما هو المعروف أن يافع هم أصفى عروق حمير فهي القبيلة التي ما زالت محافظة على كيانها ولم تهتز من جراء هجمات الغزاة .بل ضلت منطقتها الحصن المنيع لكل من يأوي إليها من الملوك والأمراء عنداشتداد الأزمات عليهم وكمثال على ذلك عندما لاذ الملوك الطاهريين إلى قبائل خلاقة وبني بكر بيافع ، وهي بلا شك حصن حمير الذي لم يتبدل على مر الأزمان فرغم قوة الغزاة وتفوقهم بالعدة والعتاد لم يستطيعوا أن يركعوها وكمثال على ذلك الأحباش فإنهم لم يستطيعوا أن يدخلوا سرو حمير ” يافع ” كما ذكر في بعض المراجع التاريخية و أيضاً الإنجليز وقصفهم ليافع لمدة طويلة والتي باءت محاولاتهم بالفشل ، المد الزيدي الإمامي سابقاً ، والأتراك وغيرهم .وعن شدة وبأس يافع فقد ذكر في التاريخ القديم ما يدل على ذلك ،فقد كان مخزن الرجال للدولة الحميرية العظمى والتي كانت تغزو مناطق الجزيرة العربية بل وقيلأنها كانت تغزو الصين والهند ، ونستدل بذلك ما قاله الملك تبع الحميري والذي ذكر إسمه في القرآن بما قاله في مدحه قومه بني حـميـر وبالأخص ذو رعين والتي تمثل يافع النسبة الكبرى فيها : ومن ذي كلاع ومن ذي رعين لي الصلب والرأس الأكبر

ومن المعروف أن أرض حمير الأصلية هي سرو حمير وتعد يافع هي قلبها النابض وهذا يعطينا أنطباعاً على شهرة وقوة رجال يافع منذ الأبد البعيد . وأيضاً لعبت يافع دوراً هاماً مع علي بن الفضل الخنفري وكانوا وقوده الذي لا يهدأ حتى غزت معه صنعاء وكافة اليمن ، وحينها بدأت الاختلافات تظهر وسببه توجه ابن الفضل العقدي حينها وهو المذهب القرمطي .

أضف تعليق


كود امني
تحديث