لقاء مع الكاتب والباحث العراقي، المختص في شؤون الأديان، الإعلامي وليد الطائي

 

بسم الله الرحمن الرحيم خير ما نبدأ به هو أن نحمد الله على نعمه الكثيرة

بالنسبة لسؤالك عن دور القبائل العربية بالثورات

فقد لعبت القبائل العربية دورًا كبيراً ومتميزاً ليس في إتجاه الثورات بل كانت هي مصدر الثورات ومصدر للقيام والوقوف ضد الظلم والاستبداد لكل من حارب واستعمر بلادهم، كل مكان يستجير بهم والأمثال كبيرة جميعكم عاشها وقرأ عنها وسمعها من أبائهم.
التاريخ يقول لنا أن االعثمانيين لم يهتموا بدير الزور والمناطق الإدارية في الأطراف وكانت عبارة عن خندق تابع للأستانة لكن الهجرة الفعلية للقبائل في القرن الثامن عشر، من هنا بدأ العثمانيين بها وفتحوا الطرق وخاصة طرق الحج وهذا يتطلب بناء الجسر لحمايتها وذلك بسبب المخاطر التي تسبب تهديد طرق التجارة، وأعتمد العثمانيون على القبائل لحماية هذه الطرق وكانت قبيلة "شمر" إحدى القبائل التي اعتمد عليها العثمانيون في تأمين الطرق.
وكان الشيخ "عبدالكريم الجربا" هو أحد أذرع هذه الحماية حيث أنه تحالف مع قبائل الفرات ومنها قبيلة "الجبور" ووطنهم وكذلك تحالف معهم قبيلة "البكارة"، وقد اشترط على العثمانيين أن تكون شمر في نطاق قبائل الحماد الرحل ولا تلتزم الاستيطان، ومن هنا يكون التحول التاريخي.
وبعد عام 1859 الوالي" ثرايا باشا" الذي ألحق دير الزور بحلب وضغط كثيراً على عشيرة "العقيدات" ، وبعد ان أدخل العقيدات للحماية العثمانية بصورة غير مباشرة وضمن سلطة الأمير ابن العبدالله الذي تولى المركز الإداري الأول في المنطقة.
وللتاريخ نقولها إن الأمير هفل العبدالله لم يكن له مطمع شخصي في أن يتولى هذا المنصب أبدا بل كان ذا نظرة بعيد ويقول أن القبائل العربية قبائل المنطقة هي أحق في إدارة المنطقة وشئونها بنفسها وهذا النهج الذي أثار من قبل العثمانيين أثار حفيظة الشيخ حواث الدندل شيخ الحسون الذي توجه بعشيرته إلى الحماد رافضاً التوطين وأعلن عصيانه على الدولة العثمانية ومن هنا بدأت الثورة.


بالنسبة لردود الفعل لرموز ورؤساء القبائل والعشائر تجاه رموز ورؤساء القبائل

تعلم جيداً أن أفراد القبيلة كانت ومازالت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً برموزها ورباط مقدس وهذا معروف قديماً منذ الأزل وهذا كرم من الله سبحانه وتعالى أعطاها قوة من التماسك الاجتماعي
إذ منذ الخليقة كان هذا العرف سائد ومن العيب والذلة الخروج عنه مهما كانت الأسباب هذا مايخص في وقت السلم.
أما في وقت الثورات، فتصور أن شخص ما يربي أولاده ويجمعهم في السلم ثم ينتقل بهم أيام الحرب ماذا ستكون الاستجابة؟ أكيد سيحضرون كل معاني النخوة والإخلاص والوطنية والحمية والانتماء والهوية والغيرة والكرامة. وأترك المشهد لكم للوصف

وعن تطور رد فعل القبيلة ورموزها ودورها في مراحل الثورات ؟
حيث كانت كلها محطات عزة وكرامة لجميع القبائل العربية، وأتذكر ثورة العشرين في العراق وشيوخها وأتذكر شيخ المحمود شيخ عشيرة الزوبع وأولاده خميس وسلمان عندما قابل اللجبان، اللجبان عنفه وتجاوز عليه بكلمات ماذا فعل؟ مشى خطوات وفتح الباب واستدعى أولاده وقال لهم اقتلوه فقتلوه بسهولة، ومن هنا اشتعلت الثورة.

وكذلك الموقف الكريم للشيخ شعلان شيخ الظوالم والشيخ حبيب شيخ أمير حسن من بني تميم ودورت البوكمال نهاية عام 1919 وبداية عام 1920 من مشايخها الشيخ كسار الصياح الذي أعدمه الفرنسيين وكذلك عبده الدندل ومن سابقه شقيقه مشرف الدندل شيخ العقيدات.
نذكر مثل وهو مثل كبير جداً نتمنى أن يكون درساً من دروس التاريخ ما ذكره الشيخ مشرف إلى ابنه شيخ مشايخ عنزة في العراق والذي حمله الإنجليز رسالة تعزية ودعته للصلح على مقتل شقيقه قال "هل تقبل يا ابن هزال أن أبيع دم أخي بالذهب؟ ماذا يقولن العقيدات إن فعلتها؟ والله لن أقبل إلا أن يكون مقابل كل قطرة من دم أخي جندي إنجليزي."
كلمات من ذهب رحمة الله عليك يا شيخ مشرف، فهذه المواقف كريمة ولا تُنسى.

كذلك المشايخ الأحرار في جميع الدول العربية ومنهم عمر المختار رحمة الله عليه وعبدالقادر الجزائري وجميلة بوحريد رحمة الله عليهم وكذلك الموقف المشرف للعشائر المصرية العظيمة عندما نزلت الحملات الصليبية في دمياط متجهة للقاهرة بعد انكسار الجيوش وتخاذل حكامها التي هزمت الحملات الصليبية بالحجارة والعصي والمياه وكذلك المواقف المشرفة.
كل ذلك ومازلنا نتكلم عن القبائل فقط وليس قادة الجيوش العظام المسلمين والعرب.


بالنسبة للموقف العام لشيوخ العشائر تجاه الرأي الوطني ؟
الرأي الوطني العربي الشفاف هو من يعطي الاتجاه الصحيح للثورات

فمثلا الثورة السورية بدأت عفوية أين أنتهت؟ إن الذي حرَف هذه الثورة العظيمة المباركة عن مسارها هو بروز أصحاب المصالح الضيقة الذين ركبوا الموجة ووضعوا مصالحهم قبل مصالح الثورة واستغل أعداء الثورة التوجه المرير فغيروا عنوانها إلى عناوين مريضة.


أما فيما يخص سؤال هل يوجد تصور بين شيوخ وعوائل القبائل لعمل كيان سياسي موحد لمواجهة الأنظمة؟

كان عليكم أن تحددوا نوع الأنظمة لكي أجيب بدقة لكن سأجيب على أية حال.
إذا كان النظام عادلاً وقلبه على العروبة والإسلام تكون القبائل عون له، أما إذا كان النظام جائراً فعليك بوحدة العشيرة وتسلك نفس السلوك، وإن كان الغير فتعلن برآة الأفعال التي تخالف أمر الله عدا من كان تحت تهديد وضغط فإن الله يسر لكم كثير من الأبواب منها الأرض الواسعة والهجرة وتبدأ من وطنك الجديد بأن ترسل رسائل طيبة للحكام أصحاب القرار وتقول لهم قولاً ليلناً ثم تستمر بجمع الكلمة مع عشيرتك وتجمعهم وأنت في بلاد الغربة وتجمعهم على الأمر الصحيح حتى يجعل الله لكم مخرجاً ولاتنسى مد يد العون والصمود فهذا جهاد كبير وكفاح.

هل يمكن للقبائل عمل كيان موحد؟

إنها الغاية المثلى.
حيث أن القبائل والعشائر ليس لها حدود ولا يمكن لأي نظام مهما ظلم أن يضع حدود مهما كانت عناوينها جغرافية ونفسية وتاريخية ومعنوية لهذه العشائر والقبائل.
لكن الأنظمة الجديدة تعرف كيف تتعامل مع هذه القبائل من خلال التفرقة وهذه من مشاريع الشيطان، إبليس أول من فعلها فضاعت على سيدنا آدم الجنة كذلك تعلم من اليهود ثم تعلم من الإنجليز في مبدأ "فرق تُسد"
الفرقة هي أكبر حدود للعشيرة، ونتمنى أن يكون القرار مصيرياً بيد أمراء العشائر والقبائل يجتمعون من أجل رؤية سليمة ومشروع قبلي وعربي يعيد للأمة أمجادها.

في مسألة موقف القبائل من داعش؟

للأسف موقف القبائل من داعش موقف ضعيف، وقد تم استغفال بعض العشائر عن طريق بعض الشخصيات السياسية العملية أو الجاهلة ضمن هذه العشائر.
سأضرب لك مثلاً من العشائر الكريمة الأبية في بادية العراق والشام حين تغلغلت عصابات داعش بمساعدة الأنظمة والشخصيات السياسية قبل إعلان الدولة الإسلامية في بلاد الشام والعراق بثلاث سنوات، بدأت على شكل عصابات تأخذ الأموال من الأغنياء بحجة إقامة العدل ترك هؤلاء بدون مجابهة من قبل القبائل وحتى هناك شيوخ بعض العشائر تملكها الخوف وقاموا بإعطائها الجزية الشهرية.
أدى ذلك إلى استفحال الأمر بكثرة العصابات وتكونت الجيوش التي اجتاحت المنطقة كلما أتيحت لهم الفرصة.

 

 بالنسبة للتصورات المستقبلية
أولاً أود إكمال السؤال السابق حتى أكون وضحت الأمور أكثر 

تطالب العشائر وحدة الصف وكل سياسى يخرج عن مصلحة الأمة، ومن العيب أن يركض رئيس عشيرة وراء سياسى ويعين له فرد من عشيرته لدى الحكومة ، السياسي هو من يركض وراء العشيرة.

وفيما يخص التصورات نبدأ من خلال تمسك القبيلة للمصلحة العليا لأوطانهم وعروبتهم وأديانهم السماوية الصحيحة السمحة
كلمة العشائر هي تاج الثورات وأتمنى ألا يُعاد سيناريو عشائر الأنبار مرة ثانية، فهذه محطة سوداء من محطات سلوك العشائر فقد فضحت موقفهم بعدما أبلى أبائهم بلاءً كبيراً على مر التاريخ، لكن الفساد السياسى سيبقى عار عليهم وسجله التاريخ على هذه العشائر.
وعلى العشائر أن تركب في قطار واحد، ومن العيب أن يختلف اثنان على شيخ قبيلة؛ فهذا تدني
فهذا يريد الشيخ فلان وابن عمك يريد الشيخ فلان هل تتركون هذا الأمر للأهواء حتى تترك الهوة بينكم أم هناك تصرف حضاري؟
وقتها يجب أن يجتمع الخيرين ويتشاوروا ويخرجوا بنتيجة موحدة.

 

 وفي سؤال هل تفرق بين العشائر والشعب؟
إذا أردت أن تعرف الأنظمة وسلوكها فاعلم أن كثير من الأنظمة هي بالأصل قبائل حتى لو يديرها شخص ديكتاتوري، فإذا أردت أن تعرف أهناك تمييز أم لا فانظر لعائلة الحاكم وعموم عشيرته إذا كان في فرقة ومن يريد حماية وطنه فلا يفرق بين القبائل.

لكن أعتقد أن السؤال يحتاج تصحيح لأن القبائل هي الشعب والفرد هو جزء من الشعب والعائلة هي جزء من الشعب هي اللبنة الأولى للشعب.

 فيما يخص مقترحات حول إيجاد مشروع قبلي؟

توجد اقتراحات كثيرة ولا حصر لها أهمها وأسلمها وأفضلها وأحسنها المشروع القبلي الموحد بعيد كل البعد عن السياسة ومن العيب أن ينقاد شيخ عشيرة حول سياسي بل السياسي يكون أداة للعشيرة من أجل إيثار رأيها.

والمشروع الناجح للأمة هو إلغاء البرلمان وتشكيل مجلس أمناء القبائل هم من يضعون السياسة الصحيحة للدولة ولشعوبهم وخاصة المشايخ صحيحة وأنتم تعلمون أن المشايخ الكرام لا تكذب ولا تسرق ولا تعتدي ولا تخاف ولا تنافق ولا تقتل ولا ترتكب الفواحش ولا تأكل مال اليتيم والأموال المحرمة وهذه هي الوصايا العشر التي جاءت في سفر الصفح والتوارة والزبور والإنجيل والقرآن وهي مشاريع سلام.
وفي مسألة القبائل باختلافها تشكل خطر علي القبيلة، ففي الحقيقة لم أفهم ماذا تقصد لكن للقبائل عادات وتقاليد قبل أن يكون لديها دين ويوجد لها شئ يسمى "العيب " وهو عنوان كبير شفاف لكل العشائر ولكل ماتحمله من أفكار والعيب هو المعيار السياسي ومن العيب هو العرف الذي يقابله بالدين الحرام.

 فيما يخص رأي العشائر في الحراك الثوري؟

فنقول أن أبناء القبائل داخل الحراك الثوري هو ما يتعلموه من أميرهم ومن مشايخهم من معاني الإنسان الكريم من إيثار ووطنية وصدق ورجولة وإخلاص ونظافة، متي ما وجدت هذه الصفات الكريمة في أبناء العشائر فالحراك الثورى سيكون مشكاة ينور درب الثورة الصحيحة والوقوف أمام الطغاة.

فيما يخص دور القبائل فى الظروف الراهنة؟

أقول أن دور القبائل والعشائر دور ضعيف جداً مع الأسف، ولم أتوقع أن يصلوا لهذه الحالة من الضعف والهوان والتفكك.

 فيما يخص القتال القبائل ضد داعش؟

فمن الواضح أن الوحدة والإيثار وعدم الفرق والعودة لمبادئ العشيرة هي المبادئ الأساسية حيث نبدأ بتثقيف أبناء العشيرة على أن داعش عصابات خلفها استخبارات لها مصالح متعددة ووراءها دول كبيرة وحينما لم تستطع هذه الدول أن تجابه القبائل فعلت فعلتها في تفرقة العشائر ومن ثم فتحت عليهم جبهات داعش لتقضي عليهم.

وسأضرب لك مثل كم من عشيرة استطاعت ان تضرب داعش التي وراءها استخبارات وغطاء جوي وجيوش وغيرها ولكن المشكلة الكبيرة هي الفرقة بالإضافة إلى الجهل والحقد النفسي أعطاها فرصة واسعة ومساحة كبيرة من أجل تغلغل داعش في نفوسنا قبل بلادنا.

 فيما يخص موقف العشائر من تقسيم الأوطان
فمع الأسف موقف العشائر من تقسيم أوطانهم موقف ضعيف جداً، يحتاج إلى إعادة نظر وقد ذكرت لك أن أرض الجزيرة السورية بأدية العشائر والعراق ولو توحدت العشائر على كلمة ستكون نواة لوطن عربي كبير لا يمكن تقسيمه.

 

 فيما يخص البيئة الصالحة للعشائر؟

أقول إن البيئة العامة في منطقة العشائر هي الإسلام والعروبة وهي أسلم لها في عز القبائل والعشائر.

 فيما يخص نزوح القبائل ؟
من الصعب أن تنزح القبائل بالكامل في الوقت الحاضر لأن القبائل انتشرت تفرقت وسكنت مناطق ولكن الذي يعطي العنوان الكامل لنزوح العشيرة هو نزوح أميرها، فالثبات هو العنوان الكبير للارتباط من الوطن الأم ،وأقولها للتاريخ بعض النزوح يعطي قوة كبيرة للعشيرة .

فمثًلأ انت الآن في ألمانيا ولا زلت رهن على دور العشيرة من موقعك وتبعث روح القيم العشائرية من أجل تحرير وطنك من العصابات، وكثير من الأمثال وهم يشكلون في العالم كله الآن مصدر قوة وإعلام لتعريف الشعوب على مآسي أوطانهم والظلم الذي يقع عليه من جراء التضليل الإعلامية الصهيونية إذا استعمله الوطني الغيور من أجل المصلحة العامة لوطنه.

فيما يخص بانخراط أبناء القبائل بالعمل السياسي هذا سؤال مهم جداً
أقول أنه إذا انخرط أبناء القبائل بالعمل السياسي عفليهم ألا ينطلقوا من أحزاب، لأنهم إذا انطلقوا من أحزاب فهذه هي الطامة الكبرى.
لكن إذا كان النظام السياسي الدستوري ينص أن يترشح السياسي من الحزب فعلى ابن العشيرة أن يقدم كل ما يليق بعشيرته لا يذوب في كتلتهم.
ولما كان هذا مستحيلاً، فإذن انخراط ابن العشيرة في سياستهم فاكتب عليه النهاية الخائبة.
العشيرة هي الحزب والفرد والوطن والكرامة
أما إذا اشتغل أبناء العشيرة من خلال كفائتهم كتكنوقراط فأعتقد أن هذا سيكون عز للعشيرة، أي إذا كان ابن العشيرة اختير تبع كفاءته فهذا هو المطلب الأساسي للعشيرة.

 

 فيما يخص التسلح للعشائر 

أقول أنه يجب على العشائر التسلح بالعلم والوطنية والغيرة قبل أن تتسلح بالسلاح المادي فيما يخص الهيكلة القيادية.
فهذة الهيكلة بشكل عام أن يجتمع الأمراء وشيوخ القبائل بعيداً عن أي غطاء سياسي، فقط يجعلون هدفهم الوطن والعروبة ويستحضرون القيم الوطنية.

أضف تعليق


كود امني
تحديث