بدايةً ما هي السيرة الذاتية لحضرتك؟
الاسم فريد خالد الإبراهيمي، خريج كلية تربية قسم علوم فيزياء عام 1986م وحاصل على شهادة دولية من جامعة هارفرد الأمريكية بإدارة حل النزاعات من بغداد من الدورات التي أقامتها لمدة سنتين والورش التدربيبة فيها.
عضو مجلس النواب العراقي حالياً في الدورة الثالثة ومقرر لجنة العشائر ومواليد 1962م وأتقن اللغات العربية والإنجليزية.
وماذا عن طبيعة العلاقات العشائرية في العراق؟
العشائر مؤسسة اجتماعية قديمة وكبيرة في العراق في زمن الدولة الإسلامية وقد يكون قبلها، امتداها في المجتمع العراقي خاصة والعربي عامة وترتبط بعلاقات ودية ويهمها الكثير من مصلحة البلد واستقراره واستقرار الوطن.
العلاقات بين العشائر تكون على أساس الاحترام، وهي مجموعة من الأقارب والعوائل الذين تربطهم صلة نسب واحد يعيشون على بقعة جغرافية محددة قد تكون كبيرة أو صغيرة ولكن تمثل مجموع العشيرة ومكان استقرارها ويتواجد في أغلب العشائر أناس أخرين سكنوا مع هذه العشيرة نتيجة بطن معين حل بهم وأصبح جزء لا يتجزء من العشيرة في الحقوق والواجبات.
ويرتبط أبناء العشيرة الواحدة بقانون يسمى السنن وهي قوانين تنظم حياة العشيرة وتمنع الاعتداء فيما بينهم وتفصل السنن من خلال شيخ عشيرتها فيما بينهم لكل شخص حتى كل من يأخذ حقه بدون التجاوز على حقوق الآخرين.
وأنا شيخ عشائر آل إبراهيم من بغداد إلى الفرات في حدود الناصرية، توارثتها أباً عن جد يعني أكثر من 200 عام، والعشيرة مسئولية كبيرة فهي أرواح الناس ومن واجبات شيخ العشيرة الحفاظ عليهم وهذا لا يعني أنه في مقام الدولة ولكن من الناحية الاجتماعية يجب مساعدتهم في كثير من الأمور.
وما دور القبيلة في حل النزاعات التي تحدث بين أبناء العراق؟
العشائر تربطها علاقات نسبية في عموم المنطقة ومن خلال الصداقات والعلاقات الطيبة بين شيوخ العشائر يجعل العشائر دوراً في حل النزاعات مع العشائر الأخرى.
فإذا كان هناك مشكلة أقصد عشيرة س و ص لم يستطيعوا أن يحلوه بسبب التعنت وهنا يمكن اللجوء لمُحكِم ثالث يختارونه فيما بينهم وأن يكون هذا المحكم يراعي الوجدان الذي يمتلكه ويحل مشكلتهم ومشهود لهم.
فالقانون لا يحل كل المشاكل، لأنه لا توجد به مرونة حيث يتعامل بالوقائع والدلائل وقد تكون هذه الوقائع مفبركة ولكنه هو المتسيد على الساحة فيضطروا الحكم بالقانون وقد يكون جائرا، عندكم مثل مصري يقول "ياما في السجن مظاليم" لا تكون وسعة أو مسافة أو مساحة أو حرية والبحث عن صغائر الأمور مثل شيخ العشيرة والقناعات التي تكون من الناس الموجودين الذين يتكلموا بما يرضي الله وجدورها وامتداها وأسبابها ومسبباتها فتكتمل الصورة عند المحكم العشائري، وأغلب الحلول تكون مرضية لكل الأطراف حتى إذا كان هناك أكثر من عشيرتين لأن رسالة العشائر سلام ومودة ومحبة وهذا واجب شيوخ العشائر أن يحافظوا على أبنائهم.
وهل تعدد القبائل بأيدولجياتها يشكل خطراً على العراق؟
أبداً لم تشكل العشائر خطرًا على العراق، الخطر يأتي من بعض الأفراد الذين ينتسبون باسم العشائر، فالعشيرة لها ميزة خاصة لأنها مؤسسة اجتماعية تسكن على أرض والأرض جزء من الوطن، أي أن سلامة الوطن هي سلامتنا والعشائر تبحث عن السلام والاستقرار.
وبالتالي أبداً لا تشكل خطراً بل العكس، حيث كانت في الماضي تحاول رد الخطر وهذا ما لاحظناه منذ عام1920 في التاريخ الحديث ومنذ عام 1914 بدخول الإنجليز للعراق وهذا على الأقل للتاريخ الحديث وحتى الآن، وفي السنين الأخيرة عام 2007 م وعام 2008 م في مناطق العراق الغربية في محافظة الأنبار وصلاح الدين واستطاعت أن تطرد من أراضيها وعجزت الجيوش الأمريكية ومن معهم.
فالعشائر صمام أمان للوطن وليست خطرًا على الوطن، ولكن العشائر تبين قوتها عندما يمر الوطن بمحنة عندما يضعف القانون حتى يقوى الوطن والجيش والحكومة والقوات الأمنية لحمل النزاع من على أكتاف العشيرة حتى تستطيع الدولة في النهاية تتحمل مسئوليتها وتستقر العشيرة.
وأكلمك بصراحة، الحمل الموجود حيث أن ضعف القانون عبء كبير على شيوخ العشائر فالمسئولية كبيرة وليس هناك قانون ونحن لا نستغنى عن القانون، نحب أن ننظم المجتمع العشائري الموجود تحت سقف قانوني في العراق في رعاية الدولة وليست بديل عن الدولة.
وما هي المشاكل التي تواجه العشائر في العراق؟
المشاكل الرئيسية هو مَن يلبس زي العشائر ويتكلم باسم شيوخ العشائر ويخالف القانون هذه مشكلة رئيسية وكبيرة، ولطالما تكلمنا مع الدولة في سبيل أن ننظم القانون حتى نتجاوز هذه المرحلة ونضع حداً لكل متجاوز.
ولكن النتيجة تكون تهميشا من الدولة باعتبار سلطاتها الحسبية الموجودة لأنهم يخافون من قوة العشيرة باعتبارها تجمع بشري ونسبي موجود. وبالتالي إهمال العشيرة من قبل الدولة يبعد العشيرة عن المشاركة في إسناد الدولة وتعتبره تهميشًا معتمدًا.
ولذلك لابد للحكومة والأحزاب السياسية أن تحاول التقرب للعشيرة والعمل لمصالح الدولة قد يكون هذا ولكن بنسبة قليلة، فأهم ما يثبت الوضع ويعزز قوة العشيرة هو قانون العشائر العراقية الذي نعمل حالياً عليه حتى تصبح العشائر تحت سقف الدولة.
وماذا عن دور القبائل للحفاظ على وحدة العراق؟
القبائل العراقية عملت على وحدة العراق، لأن العراق بالأساس مجتمع به عشائر كثيرة في العراق الأوسط وامتدادات لها في المنطقة االشمالية والغربية .
ويوجد كذلك الشيعة والسنة لكن لا يفرقهم أحد كلهم في نسب واحد، وهذا عامل أساسي وناجح في الحفاظ على وحدة الشعب العراقي ورفض المسميات التي ينادي بها الأحزاب والتي يراها العشائر تقسيم لأرض العراق.
فمثلا عشيرة الجبور سنة وشيعة موجودين في البصرة في بابل والأنبار وفي بغداد وفي الموصل وعشيرة ال ابراهيم عشيرتي موجودين في البصرة وامتدادات العشائر العراقية وتوزيعها في المناطق الجغرافية لم يمانع من التواصل فيما بين أفراد العشائر وبعضها البعض، وحتى العلاقات النسبية موجودة بالتزاوج وهذه مسميات جاءت من بعض تغيير نظام الحكم عام 2003، عندما كنا ندرس في الإبتدائية وخصوصاً جيل الستينات و السبعينات فالاستعمار استخدم سياسة فرق تسد بين أبناء البلد الواحد حتى يستطيع أن يسيطر وحصدنا النتيجة عبر الدمار الذي حدث.
فقد وقفت العشائر وقفة أصيلة ضد هذه المسميات والتفريق فيما بينهم، ونحن الآن على علاقات طيبة جداً ليس الآن حتى 2004،2005،2006،2007، إلى هذا الوقت في علاقات طيبة جداً مع مشايخ وعشائر المناطق الغربية عندما نحل ضيوف عليهم أو عندما يحلون كانت ولا زالت العشائر العراقية رمزاُ لوحدة العراق.
هل يوجد تنظيم للقبائل في البرلمان العراقي وما قوته؟
العشائر احتلوا أماكن في البرلمان العراقي لكن ليس كتنظيم، فلم يكونوا كتنظيم كتلوي على الساحة السياسية العراقية، لكن شيوخ العشائر وصلوا وأغلبهم مستقلين من خلال كتل سياسية وطالبت بدخولهم تعزيز الكتلة لأن شيوخ العشائر الكبيرة لهم في حدود 20 ألف مصوت فهذه بالنسبة للأحزاب السياسية هذا أقل مايكون وقد يصل ل 50 ألف.
والكتل السياسية طلبت من شيوخ العشائر أن تدخل معها لتعزيز قوائمها بالأصوات حتى إذا كانوا الواحد يحصل ثلث هذه الأرقام مقبول عندهم لأن العشيرة أكبر من تنظيم في الحزب تقريباً موجود، ولكن تعرف أن الأحزاب لها مصادرها المالية والتمويل والعشائر العراقية لا تمتلك هذا.
لكن للأسف لا توجد كتلة عشائرية على مستوى الساحة السياسية العراقية، وليس الأمر مقتصرًا فقط على شيوخ العشائر بل يبعثون من أولادهم المهندسين، الأطباء، المهنين، الأكاديميين، القانونيين المثقفين والجامعيين الذين يصلون للقرار التشريعي في المجلس النيابي وممكن السيطرة على هؤلاء من خلال الكتلة ، فابن العشيرة يعرف أن هنالك من يحاسبه على كل صغيرة وكبيرة وأن مرجعة سيكون لبيته وعشيرته وممكن أن يرفض من بيته وعشيرته إذا أخطأ في حق نفسه وحق العراق وحق وطنه وشعبه.
القبائل والعشائر جزء من الجسم العربي يضعف بضعفه ويقوى بقوته. فهل هناك مشاريع تنموية لرد الروح للطيف القبلي؟
بالمناسبة القبائل والعشائر العراقية لها امتدادات في الوطن العربي فنحن عندنا في المملكة ومصر والمغرب وسوريا، ولنا تواصل مع كل أبناء العشائر وفي البحرين ودول الخليج وفي إيران أيضاً وحتى في تركيا، وكل القبائل العربية لها امتدادات لأن الشعب العربي شعب واحد.
لكن لا توجد مشاريع التنموية ، فنحن لا نريد أن نعود لزمن قبل الإسلام وغزوات وغير ذلك الموضوع خطر جداً إذا كان في تقوية القبائل، نحن نقوي الدولة نحن نفرض سيطرة القانون ولا نسمح فممكن أن تكون النفوس سليمة وممكن أن يستغلوا هذه وتبنى عصابات ومافيات ونحن بعيدون عن هذا الوضع.
هذا الموضوع حساس جدًا، وما أدعو إليه هو أن تكون العشيرة تحت سقف الدولة حيث يكون التنظيم والتعامل مع الدولة، بالمناسبة كل الأنظمة التي جاءت للحكم لم تستطع أن تلغي العشيرة، فالعشيرة كيان ووجود مستمر والعشائر باقية والكيانات السياسية والأحزاب السياسية تأتي وتزول وهذه ثابتة وباقية.
لكن أن نقوي القبائل العراقية والعربية بمشاريع تنموية كبيرة لا، هذا الموضوع ليس موجود حالياً، دائماً أقول انظر للجانب الخير من الأمر هذا ما يقلق ولكن أنظر للجانب قد يكون هناك بعض الشر الذي يقلق فنحذر منه.
وهل هناك تأثير لدور القبائل في سلطات الدولة الثلاث التفيذية والتشريعية والقضائية؟
كان عندنا قانون من عام 1920إلى عام 1950 يسمى بـ "الأعراف العشائرية" وكان معترف به وتحال إلىه القضايا التي يعجز عنها القانون الذي ذكرناه في أول اللقاء سابقاً، وقد كان في العهد الملكي.
لكن بعد قيام الجمهورية عام 1958 توقف هذا القانون إلى الآن، فالسلطات وخصوصاً القضائية تستعين بالعشائر في حل المشاكل وخصوصاً العشائرية.
وكيف يمكن الاستفادة من التجربة العراقية بالنسبة للعشائر السورية ؟
هذا الأمر منوط برؤساء العشائر العربية الموجودة فإذا كانوا يمتلكون من البعد النظري وفهم ومدركات وجودهم وممتلكاتهم وشدة تمسكهم بأرضهم ووطنهم، فيكون ذلك بالتأكيد في شكل تحالف وتعاون مع العشائر الموجودة في سوريا بغرض أن ينجحوا التجربة التي قامت في العراق ويقوموا على مقومات التجربة.
وما موقف القبيلة وباقي القبائل من داعش؟
داعش أو القاعدة أو أي محتل سابق أو قادم لاسمح الله الموقف واحد وهو رفض أي محتل أو إرهابي على الأرض العراقية.
التجربة التي حدثت من القاعدة وداعش الآن أعطت حافز للعشائر العراقية أنا أتكلم عن الأشخاص العراقيين الموجودين وهم الأغلبية المطلقة حيث أصبحوا أكثر حذراً وسرعة ردود أفعالهم والدفاع عن وطنهم وقراءة النوايا ستكون أكثر حذراً لأي غريب يدخل إلى العراق.
وماذا عن تصورات المستقبل لأبناء القبائل العراقية ؟
الكل يحلم بأن يكون هنالك وطن عربي كبير يجمع على العوامل المشتركة التاريخية من الدم والنسب والتاريخ والدين وأن يعيشوا في سلام.
وأنا أتمنى أن نكون أكثر تكاملاً في الاقتصاد ومساعدة بعضنا البعض وبما نمتلك من مكونات رزقنا الله بها في الوطن العربي.
وماذا عن المقترحات لكي تعود القبائل لدورها المنشود في المنطقة؟
في كل بلد لابد أن يكون بها قانون ويفضل إن كان قانون عربي عام، وعند إذن ستعود القبائل والعشائر لدورها المنشود في المنطقة بقوة أكثر وبصدق أكثر.
وصدقني أن الأمن داخل المجتمع يقوي الدولة لا يضعفها وأن يكون هناك تناغم بين العشائر وعلى شكل قوانين تنظم وجود العشائر والقبائل في كل بلد من البلدان العربية وأقول الوطن العربي وأقصد به العشائر والقبائل في كل بلد.
وهل يوجد تصور بين شيوخ القبائل وعوائلها وأبنائها لعمل كيان موحد يشمل جميع أبناء القبائل العراقية والشام والعربية بشكل عام؟
هذا على المستوي البعيد وسيأخذ فترة كبيرة ويجب أن يكون هناك قوانين داخل البلاد حتى يكون هناك ائتلاف عشائري أو سياسي كبير، ولا نحتاج هذا الائتلاف بقدر مانحتاج إلى قوة ارتباط القبيلة مع حكام العواصم بصورة أقوى حتى يكون هناك تكامل.
والعلاقة بين القبيلة والحاكم وأن يكون علاقتهم طيبة وأن يكون دور القبائل تحت سقف أي دولة من الدول العربية.
وما هي مقترحاتك لحل أزمة في العراق في الوضع الراهن والمستقبل؟
أولا أن يكون الحكام صادقين مع أبناء وطنهم
ثانيًا تنمية روح المواطنة للمواطن العربي
نحن لا يمكن أن نعيش بسلام واستقرار ومازالت هناك قضايا موجودة مثل قضية اسرائيل في الوطن العربي ويجب أن نصل لحل في كل الأحوال لإعادة الاستقرار في هذه المنطقة ونشعر بفترة تعايش سلمي وقبول الأخر والأفكار الأخرى الموجودة وهذه نقطة مهمة جداً حيث أصبح موضوع احتلال فلسطين شعارا بالنسبة لحكام العرب.
ماذا عن رأيك بمجلس قبيلة النعيم في سوريا وبلاد الشام؟
أيضاً قبائل النعيم موجودون في العراق.
المجلس خطوة جيدة ومباركة يعمل على توحيد الكلمة لما يصب في مصلحة الوطن حيث التواصل الموجود بين أبناء القبيلة وهو مجلس جيد جداً.
ندعو أن يكون هناك مجلس للقبائل العربية المتواصلة فيما بينها ف المناطق العربية وتوحيد الكلمة خصوصاً أنهم يعيشون في مصير واحد مشترك وبالتالي ما يصيب أحدهم سوف يأثر على الأخر.
كل التوفيق لهذا المجلس في الرؤية الحكيمة لمن أسسه، وكل التوفيق لهم في مواقفهم القادمة ان شاء الله.