شهدت مدينة خان شيخون، في ريف إدلب الجنوبي، تطورات عسكرية صباح اليوم، الاثنين 19 من آب، إثر دخول رتل عسكري تركي إلى المنطقة وقصفه من قبل قوات النظام السوري.
الرتل كان مؤلفًا من 28 آلية، بينها سبع دبابات وست عربات وشاحنات تحمل ذخيرة، ويعتبر أكبر رتل تركي يدخل المنطقة منذ إنشاء تركيا لـ 12 نقطة مراقبة في الشمال، بناء على اتفاق أستانة في 2018.
وفي أثناء توجه الرتل برفقة فصيل “فيلق الشام” المنضوي ضمن “الجبهة الوطنية للتحرير”، تعرض إلى قصف بطيران حربي رشاش تابع للنظام السوري.
واستهدف الطيران سيارات “فيلق الشام” التي كانت بانتظار الأتراك، ما أدى إلى مقتل عنصر من “الفيلق” وثلاث إصابات.
وفي أول تعليق من قبل النظام السوري على دخول الأرتال التركية إلى المنطقة، أدان مصدر في الخارجية السورية لوكالة الأنباء الرسمية (سانا) التدخل التركي الذي وصفه بالسافر والانتهاك الفاضح لسيادة سوريا.
وقال المصدر إن “آليات تركية محملة بالذخائر والأسلحة والوسائط المادية اجتازت الحدود السورية التركية صباح اليوم ودخلت إلى مدينة سراقب في طريقها إلى خان شيخون لنجدة الإرهابيين المهزومين من جبهة النصرة”.
وأكد أن ما وصفه بـ “العدوان التركي” لن يؤثر بأي شكل على الاستمرار بمطاردة فلول “الإرهابيين” في خان شيخون وغيرها، بحسب تعبيره.
من جهتها، قالت تركيا إن الرتل كان متوجهًا إلى نقطة المراقبة التاسعة في مدينة مورك بريف حماة الشمالي، ويأتي ذلك ضمن التفاهمات السياسية مع روسيا.
وأدانت تركيا استهداف الرتل، الذي يتعارض مع الاتفاقات السارية والتعاون والحوار مع الروس، والذي أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة 12 آخرين، بحسب قولها.
التطورات الأخيرة تأتي في ظل تقدم قوات النظام على الجهة الغربية لخان شيخون، مع السيطرة الأسبوع الماضي على بلدة الهبيط والقرى والبلدات المحيطة لها وتوسيع سيطرتها هناك.
كما تحاول التقدم إلى المدينة من الجهة الشرقية عبر تل سكيك وترعي، لإطباق كماشة على خان شيخون ما يسهل السيطرة عليها.
وفي حال السيطرة على خان شيخون تصبح بلدات ريف حماة الشمالي، وكفرزيتا، واللطامنة في حصار، إلى جانب مدينة مورك التي تضم نقطة مراقبة تركية.
تقدم قوات النظام تحت غطاء جوي روسي ومساندة ميليشيات إيرانية ولبنانية، دفع الأتراك إلى إرسال أضخم رتل عسكري إلى المنطقة بهدف منع تقدم قوات النظام، بحسب مراسل عنب بلدي في إدلب.
وأكد المراسل أن الرتل التركي ما زال متوقفًا حتى الآن بعد استهدافه، تزامنًا مع قصف على المناطق بجانبه، في إشارة من النظام السوري إلى منعه من التقدم والوصول إلى خان شيخون، باعتبار أن وصوله وتمركزه في المدينة قد يقطع الطريق أمام قوات النظام للتقدم.
وتعتبر مدينة خان شيخون من أهم المدن في المنطقة كونها نقطة التقاء محافظتي إدلب وحماة، وتقع على الأوتوستراد الدولي دمشق- حلب الذي يحاول النظام السيطرة عليه.
أعلنت “ملحمة تاكتيكال” مقتل قائدها، “أبو سلمان البيلاروسي”، في ريف إدلب الجنوبي، وسط تأكيدها على متابعة عملها وتعيين بديل عنه.
وقالت المجموعة في بيان، عبر حسابها في “تلغرام”، اليوم السبت 17 من آب، إن قائد “ملحمة تاكتيكال” قتل على الجبهة الجنوبية لإدلب.
وأضافت المجموعة أنه تم انتخاب علي الشيشاني قائدًا جديدًا للمجموعة، مؤكدة مواصلة عملها في المنطقة.
و”ملحمة تاكتيكال” هي مجموعة “بلاك ووتر إسلامية” تسمى بـ”تاكتيكال الملاحم”، أسسها مقاتلون أتوا من روسيا وبلدان الاتحاد السوفييتي السابق، وغالبية المدربين خدموا في القوات الخاصة في بلدانهم، وكان يرأسهم “أبو سلمان البيلاروسي”.
وبدأت المجموعة بالتدريب في 2015، وانطلقت رسميًا في عام 2016 على يد “أبو رفيق”، الذي كان مظليًا بالقوات الخاصة في روسيا، قبل أن يقتل بقصف روسي في شباط 2017 مع عائلته.
وقاتل “أبو رفيق” في “جبهة النصرة” المنضوية في “هيئة تحرير الشام” حاليًا، مع “سيف الله الشيشاني” لفترة معينة، ثم شكل “الملحمة”، بحسب ما أكد “أبو سليمان” خلال مقابلة مع “الجزيرة ميدان” في كانون الأول 2018.
وقال “أبو سليمان” إنهم يدربون أمراء السرايا والمجموعات والكتائب وإذا كانت هناك حاجة إلى تدخل المجموعة يدخلون كـ”قوات خاصة”.
وحول هدف المجموعة أكد “أبو سليمان” أنه عند الانتهاء من النظام السوري لن تبقى في سوريا، وإنما هدفها الانتقال إلى مكان آخر لـ “مساعدة المسلمين السنة”، بحسب قوله.
ومن أشهر المجموعات التي تدربها “ملحمة تاكتيكال”، القوات الخاصة التابعة لـ”هيئة تحرير الشام”، والمعروفة باسم “العصائب الحمراء”، التي تقاتل في جبهات ريف إدلب الجنوبي.
ويتزامن ذلك مع استمرار التصعيد العسكري من قبل قوات النظام وروسيا على جبهات إدلب الجنوبي، وخاصة على محور تل سكيك وترعي شرق مدينة خان شيخون.
ويحاول النظام السوري إطباق الكماشة على مدينة خان شيخون من خلال التقدم من الجهة الغربية عن طريق الهبيط، ومن خلال التمانعة من الجهة الشرقية.
“دفعت 450 ألف ليرة سورية للضابط من أجل إرجاعي إلى اللواء وعدم مواجهة الفصائل في إدلب”، بهذه الكلمات عبر الشاب أحمد، الذي ينحدر من مدينة الرستن في ريف حمص، عن معاناته بعد التحاقه بقوات النظام السوري عقب توقيع اتفاق التسوية، الذي سيطر النظام من خلاله على ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، في 16 من أيار 2018.
تحدث أحمد لعنب بلدي عن قصته، التي تشبه إلى حد كبير معاناة مئات من شباب حمص الذين اضطروا للالتحاق بالخدمة الإلزامية في صفوف قوات النظام، قائلًا، “بعد اتفاق التسوية اضطررت للالتحاق بالخدمة الإلزامية، وتم فرزي إلى القطيفة في ريف دمشق، وبعد الانتهاء من دورة الأغرار صدر أمر بنقلي مع أكثر من 150 شابًا، غالبيتهم من مناطق التسويات، إلى خط الجبهة الأول في الشمال السوري في ريفي إدلب وحماة”.
دفع أحمد مبلغ 450 ألف ليرة (750 دولارًا تقريبًا) للضابط المسؤول، من أجل إعادته إلى قيادة اللواء وتجنب مواجهة الفصائل في إدلب وريفها، لكن “من لا يملكون المال زُج بهم في المعركة وقُتل بعضهم وجُرح آخرون، في حين هرب كثير منهم”، بحسب قوله.
واتبع النظام السوري سياسة دفع “عناصر التسويات”، الذين وافقوا على شروط التسوية، إلى الخطوط الأولى في جبهات القتال بريف حماة وإدلب، سواء من الغوطة الشرقية أو درعا أو حمص، في ظل حملته العسكرية التي يشنها ضد الفصائل المقاتلة في إدلب (على رأسها “الجبهة الوطنية للتحرير” و”هيئة تحرير الشام” و”جيش العزة”)، منذ شباط 2019.
وحذرت “هيئة تحرير الشام”، في 24 من أيار الماضي، “عناصر المصالحات” الذين انضموا إلى قوات النظام ويقاتلون في جبهات إدلب وريف حماة، واعتبرت أنهم أُجبروا على القتل إلى جانب النظام، ودعتهم إلى الانشقاق وتسليم أنفسهم قبل فوات الأوان.
كما حرّم “المجلس الإسلامي السوري”، في آب 2018، القتال تحت المظلة الروسية في سوريا، في إشارة منه إلى فصائل التسوية التي تقاتل تحت مسمى “الفيلق الخامس”.
عشرة قتلى كل أسبوعين
شباب حمص لم يكونوا بعيدين عن زجهم في جبهات القتال بعد سحبهم إلى الخدمة الإلزامية، على الرغم من وعود روسيا خلال جلسات التفاوض مع أهالي ريف حمص، بمنح الشباب تأجيلًا للخدمة الإلزامية والسماح لهم بإكمال تحصيلهم العلمي ومتابعة أعمالهم والعودة إلى وظائفهم.
لكن لم تمضِ أشهر على الاتفاق حتى بدأت مكاتب التجنيد لصالح القوات الرديفة باستقطاب الشباب، وترويج أعضاء “المصالحة” للالتحاق بالخدمة الإلزامية، إلى جانب بدء دوريات الشرطة العسكرية بنصب الحواجز واعتقال المطلوبين للخدمة الإلزامية، ما دفع أعدادًا كبيرة من الشباب في الريف الشمالي إلى الالتحاق بقوات النظام طوعًا على أمل عدم زجهم في جبهات القتال.
وفي 25 من آب 2018، نقل النظام السوري 400 مقاتل من فصائل التسوية في ريف حمص إلى محيط إدلب، للمشاركة في العملية العسكرية، وينضوي المقاتلون في فصيل “جيش التوحيد” ونقلوا بمرافقة “قوات النمر” إلى منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي.
ومنذ بدء الحملة العسكرية للنظام على مناطق إدلب وريف حماة، في شباط الماضي، يستقبل ريف حمص الشمالي ما لا يقل عن عشرة قتلى كل أسبوعين، موزعين على قرى سهل الحولة وتلبيسة والرستن وأريافها، بحسب ما رصدت عنب بلدي، إذ يتم تسليم جثتين وسطيًا كل 15 يومًا إلى الأهالي في المدن الرئيسية، كمدينة تلبيسة والرستن والحولة، بالإضافة إلى الأرياف.
ولا توجد إحصائيات رسمية أو اعتراف من قبل النظام السوري حول عدد الذين يقتلون في جبهات إدلب وحماة من “عناصر التسويات”، ويقتصر ما يمكن توثيقه على ما تنشره الصفحات المحلية والموالية للنظام السوري، أو صفحات الكتائب العسكرية غير الرسمية في مواقع التواصل.
ويتبع النظام سياسة عدم تسليم القتلى من منطقة ما دفعة واحدة، وإنما يتم تسليمهم تباعًا في توابيت مغلقة إلى كل مدينة على حدة، كما يترك فترات زمنية بين تسليم الجثث لامتصاص الاحتقان بين الأهالي.
والتقت عنب بلدي والد أحد الأشخاص الذين قتلوا في صفوف النظام في إدلب، وأكد أبو إسماعيل، من سكان قرية تلدو بريف حمص، أنه أُخبر بأن ابنه قتل في جبهات إدلب، وطلبوا منه استلام جثته من القسم المخصص لأبناء ريف حمص في المشفى العسكري، لافتًا إلى وجود عشرات الجثث في القسم المخصص موضوعة في البرادات بانتظار تسليمها لذويها.
قتل سبعة مدنيين من عشيرة النعيمي على يد عناصر قيل إنهم تابعون للنظام السوري، في أثناء اقتحامهم لقرية دبسي عفنان في ريف مدينة الطبقة الجنوبي بهدف السطو المسلح.
وتحدثت شبكات إخبارية محلية منها “الرقة تذبح بصمت“، الخميس 15 من آب، أن مجموعة مؤلفة من 20 عنصرًا من قوات النظام السوري، اقتحمت قرية الشيخ جاسم النعيمي وأعدموا سبعة مدنيين في القرية.
وأضافت الشبكة أن عناصر النظام أعدموا سبعة مدنيين في أثناء محاولتهم الدفاع عن أنفسهم، بعد تكبيل أيديهم، ليقوم العناصر بسرقة أغنام القرية وممتلكات أخرى من السيارات والذهب والطحين وغيرها.
وبحسب صفحة “مسكنة“، على “فيس بوك“، فإن العناصر دخلوا القرية بزي عسكري، ولكن بعد أن استضافهم أهالي القرية وقدموا لهم الطعام والذبائح، عادوا ليلًا واقتحموا القرية وقتلوا عددًا من أبناء العشيرة بهدف السرقة.
ونشرت الصحفات المحلية صورًا للضحايا، وقالت إنهم: فرج الأحمد الجاسم النعيمي وثلاثة من أولاده وثلاثة آخرين من أولاد أخوته.
وتعتذر عنب بلدي لعدم نشر الصور.
وتخضع المنطقة الواقعة بريف الرقة لسيطرة النظام السوري، ولم يعلق رسميًا على هذه الحوادث.
وشهدت مدينة الطبقة اليوم، مظاهرات شعبية خرجت عقب صلاة الجمعة، تنديدًا بالجريمة التي طالت قرية دبسي عفنان أمس، ورفضت المصالحات مع النظام السوري في المنطقة.
وتسيطر “الإدارة الذاتية” على مناطق شرق الفرات بما فيها محافظة الرقة، باستثناء بعض القرى الواقعة جنوبي منطقة الطبقة بالقرب من الحدود الإدارية لريف حلب، وهي تقع تحت سيطرة النظام السوري.
وكانت قوات النظام السوري قد حققت تقدمًا واسعًا في الريف الجنوبي للرقة، عام 2017، على حساب تنظيم “الدولة الإسلامية”، في إطار العملية العسكرية التي أطلقتها حينها من ريفي حلب وحماة وحمص.