فنون وثقافة

ربما كانت فرصة حشد أبناء اللِّد – الفلسطينيين أصحاب الأرض – بعد اجتياح الأراضي الفلسطينية إبَّان نكبة 1948 في معسكر إيواء ضيق حدَّ الاختناق خير انتقام لـ “الإسرائيليين” من “غيتوات” كانوا قد حُشروا فيها إبَّان الحرب العالمية الثانية في أوروبا.

في هذا المُناخ تنمو رواية الياس خوري “أولاد الغيتو – اسمي آدم” وعلى أنقاض حكاية البطل الأصلي “آدم دنون” الذي جمع حَكايات الضرير “مأمون” وحَكايات أمه (بالتبني) “منال” التي اتخذته ابناً لها إثر مجزرة مسجد “دهمش” التي راح ضحيتها المئات كانت أم “آدم” الحقيقية واحدة منهم وجدها الضرير “مأمون” ملتصقة برضيعها، فأخذه وعهد به إلى “منال” التي كانت قد فقدت بدورها زوجها “الشهيد حسن” على جبهات القتال.

حَكايات أولاد الغيتو الفلسطينيين مغمسة بالدم غارقة في الألم، الألم الذي كان مركباً بطريقة لا يصدقها عقل، موت على جبهات مقاومة الاحتلال، موت من الجوع ونزف الجراح على عتبات غيتو بدأ يؤسَّس له، موت داخل الغيتو ناتج عن الحصار والتجويع، موت ذات مقاومة للاحتلال من داخل الغيتو، موت في معتقلات الاحتلال، موت بعد تصفيات جسدية لأولاد الغيتو ورمي جثثهم بالعشرات في شوارع اللِّد، ثم الموت الأكثر إيلاماً حين يُكْرِهُ العدو أبناء الغيتو على جمع جثث أهاليهم وأقربائهم وأصدقائهم الذين تَمَّتْ تصفيتهم قتلاً وحرقاً ليصار إلى دفنهم في مقابر جماعية بعد حفر خنادقهم بأيدي أهالي الغيتو أنفسهم.

ويتجسد المشهد الأكثر بشاعة في حمل شباب الغيتو على جمع أثاث وحاجيات منازل أهل البلدة في شاحنات ليصار إلى نهبها من قبل جيش الاحتلال.

رواية “أولاد الغيتو” رواية الكارثة التي لم يسلم فيها لا بشر ولا حجر من تخريب وقتل ونهب من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، كانت آخر ضحاياها بساتين البلدة التي صارت غريبة عن أصحابها ملكاً لأعدائها ومغتصبيها.

كتب “آدم” كل تلك الحَكايات في أوراق متناثرة بعد أن هاجر إلى أميركا وعمل بائعاً للفلافل هناك، إلى أن التقى بالفتاة الكورية “سارانغ” وأعطاها دفاتره قبل أن يتوفى محترقاً بنار سيجارته – منتحراً على حد استنتاج الياس خوري – لتقوم بدورها بتسليمها إلى الروائي الذي كان وفياً لها حين نشرها في هذا العمل الروائي.

كان “آدم” ينوي كتابة رواية “وضاح اليمن” الذي مات مختنقاً دون أن ينطق بحرف أو يهمس بنفس بعد أن اكتشف الوليد بن عبد الملك وجوده مختبئاً في صندوق خشبي داخل غرفة زوجته “أم البنين” التي أحبته ذات حجيج محاولاً “أي آدم” رصد الموت صمتاً كنهاية حتمية للتعلق بالمستحيل واتخاذها مجازاً للنكبة التي عاشها ومازال يعيشها شعب احترف الأمل ولم يحصد سوى الألم، إلا أنه عدل عن هذه الفكرة باتجاه كتابة يوميات ذلك الألم الذي عاشه في اللِّد كما في سائر الأراضي الفلسطينية.

“أولاد الغيتو” ليست فقط رواية تضاف إلى رفوف المنجز الروائي العربي ولا سردية تضاف إلى سرديات العذاب الإنساني -الفلسطيني هنا- إنما هي وثيقة حكتها عيون رأت كيف يموت الأبرياء مذهولين دون أن يشرح لهم سبب قتلهم.

* الياس خوري في سطور

  • أديب وصحفي وناقد وكاتب مسرحي لبناني، ولد في العاصمة اللبنانية بيروت عام 1948.
  • كتب في الرواية والقصة، وترجمت أعماله إلى العديد من اللغات، كما له ثلاث مسرحيات والعديد من الكتابات النقدية.
  • من أبرز أعماله الروائية: الجبل الصغير، والوجوه البيضاء، وباب الشمس.
  • نال العديد من الجوائز على أعماله الأدبية من أبرزها وسام جوقة الشرف الإسباني من رتبة كومندور في العام 2011، وجائزة اليونسكو للثقافة العربية لعام 2011.

صدر حديثاً عن دار ميسلون للطباعة والنشر ديوان “عن هجاء البلاد” للشاعر السوري ياسر الأطرش، ويحتوي الديوان على 23 قصيدة في 96 صفحة من القطع المتوسط.

يصر ياسر الأطرش في قصائد ديوانه، التي كتبها في مدن مختلفة، على الإنسانية، ثيمته الأهم، التي لطالما كانت حاضرة في شعره ومواقفه، ومنها ينطلق ليصف الاغتراب المرير الذي يعيشه السوريون المتوزعون في مناف جغرافية شاسعة، مناف لا يمكنهم أن يأتمنوها على ذواكرهم وأحلامهم.

ومن خلال لغته التي توحد معها وتوحدت مع الواقع، يدخل الأطرش في تفاصيل البشر بشكل عام والسوريين خصوصاً، عاجزاً عن تجاهل معاناة اللجوء والحنين إلى دمشق، حبيبته الأثيرة، وإلى سراقب، مسقط رأسه وأمه، واصفاً تفاصيل الموت وسلطته، ومتحدياً إياها بإصراره على البقاء سلاحاً أخيراً في وجه ما يحدث، متمسكاً، وكعادته، بالحب، على الرغم من الوحدة التي يعانيها السوريون، وتخلي الجميع عنهم.

وعن أهمية هذا العمل، يقول الأطرش في تصريح خاص : “هو محطة جديدة على طريق الاغتراب الذي ميّز تجربتي الشعرية منذ بدايتها، ولكن أضيفَ في هذه المرة النفي القسري من المكان، فصار غربة واغتراباً. عالجت الوطن بطريقة مختلفة وقرأته كما لم أقرأة من قبل؛ هل يستحق المديح دائماً، وهل كان حقاً ملاذاً وأمناً كما خُيّل إلينا؟ أسئلة حاولت طرحها من دون إجابات قاطعة، وفي كل الأحوال لم تغب الوجدانيات عن الجو العام للمجموعة الشعرية، فهي المناخ الوحيد الذي يصلح لحياتي الأدبية والنفسية”.

ومن ديوان “في هجاء البلاد” نقرأ:

للعالم رأس

 للدولة رأسْ 

للناس رؤوسْ

ولتلك الطفلة قدمٌ عمياءْ 
لا تعرف درب القتل 
 ولا فوق الناس تدوسْ..

وفي قصيدة يخاطب فيها دمشق ويعاتبها يقول:

يا من نحبك في الحالين: قاتلةً

حباً، ومقتولةً حباً.. بلا مِنَنِ

إنا نناجيكِ كي تخضلَّ ألسُنُنَا

فإنْ مُنعتِ، فما للناس باللُسُنِ؟

فقلتُ ذاك أنا.. يا كلَّ من ذهبوا

إلى هناك.. أعيدوني إلى وطني

ولد ياسر الأطرش في مدينة سراقب في إدلب، وحصل على عشرات الجوائز المحلية السورية والعربية، فضلاً عن مشاركاته المستمرة في أهم المهرجانات العربية.

صدر للشاعر عدة مجموعات شعرية، نذكر منها: “لمهيار أرجوحة من حمام” عن دار سعاد الصباح في الكويت في عام 1996، و”بين السر وما يخفى” عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق في عام 2000، و”قلبي رغيف مستدير” عن اتحاد الكتب العرب في دمشق في عام 2002، و”أنا إنسان” عن دار اليمان في عام 2013، و”قاموس الضوء قصائد: في حب محمد” عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة في عام 2015.

تجدر الإشارة إلى أن وزارة التربية في حكومة النظام السوري أصدرت في عام 2017 قراراً بحذف قصائد الأطرش المدرجة في المنهاج المدرسي الرسمي بسبب مواقفه المعارضة للنظام والمؤيدة للثورة السورية.

تقوم بعض النساء في جبل شحشبو بريف محافظة حماة الغربي، بإحياء مهنة النسج ’’حياكة الصوف على السنارة‘‘ مستخدمات أدوات بسيطة لينتجن بضاعة جميلة يعرضنها في الأسواق للبيع.

حيث تعتبر مهنة لجلب الرزق لمعظم النساء اللواتي فقدن أزواجهن وليس لديهن مردود مادي ليعيشن أطفالهن ويؤمن لقمة العيش لهم، وليست فقط ذلك، بل هي هواية لنساء أخريات يجدن متعة في حياكة الصوف كونها حرفة مفيدة.

وقالت ’’خلود أم أحمد‘‘ في حديثها ، إنها تعمل في حياكة الصوف منذ سنتين، حيث تقوم بنسج فساتين للفتيات الصغار وقبعات جميلة مع لفافات ومفارش للطاولات، بالإضافة إلى أشياء آخرى تستعمل في المنزل، وهي مجبرة على ذلك العمل كونها أرملة ولديها أطفال صغار، فما كان لديها إلا أن تتجه نحو مهنة حياكة الصوف لتجلب الرزق عن طريقه لها ولأطفالها وإن كان المردود قليلاً، حسب تعبيرها.

وأضافت أم أحمد، أنه ’’في فصل الشتاء يعتبر موسم النسج من الأشياء المطلوبة كثيراً، إذ نقوم بنسج بضاعتنا ويتم بيعها للزبائن ومنهم أصحاب محلات الألبسة‘‘، مشيرةً إلى أنها ’’مهنة متعبة وتسبب الآم للظهر إلا أنني أجد فيها متعة خاصة عندما نجتمع مع نساء أخريات ونبدأ بالعمل‘‘.

بدورها، قالت ’’ابتهال‘‘ إن مهنة حياكة الصوف هي هواية مفضلة بالنسبة لها منذ سنوات عديدة، حيث تجدها ممتعة جداً، وتشعرها بالسعادة، على حد قولها، موضحةً أنها تجلس جانب المدفأة في فصل الشتاء بعد انتهائها من أعمال المنزل وتبدأ بالنسج.

وبينّت أنها لا تنسج للبيع، بل إنها تقوم بنسج بعض الملابس كالقبعة أو حذاء صغير أو اكسسوار لأطفالها وتقوم أيضاً بنسج مفارش لبيتها فقط.

الجدير بالذكر، أن مهنة حياكة الصوف ظهرت في سنوات الثورة الأخيرة والكثير من النساء اتخذت هذا العمل كمصدر رزق لهن نتيجة ضيق الحال، أو فقدان المعيل.

 

عن دار المتوسط للنشر يصدر في 21 آذار مارس من العام الجاري 2019، وبالتزامن مع اليوم العالمي للشعر؛ العدد الأول من مجلة “براءات”، وهي مجلة عربية فصلية تختص بالشعر، وستصدر ورقية على رأس كل فصل من فصول العام. كما وستكون إلكترونية بنشاط شبه يومي.

وقالت دار المتوسط في بيان لها تلقى  نسخة منه إن مجلة “براءات” “تأتي في زمنٍ مليء بالثقوب السوداء التي تبتلع المشاريع الشعرية الجادة، أمام خلوّ الثقافة العربية بشكل يكاد يكون تاماً من مطبوعٍ شعريّ ذي هوية عربية عابرة للبلدان. ويؤكد، رغم ما يُضيِّقُ الخناق، أنَّ الشعر موجود، وإن غاب وسط الرؤية المحدودة والضبابية للشعرية العربية وتجاربها الراهنة”.

وأكد بيان “المتوسط” أن الدار “تراهن على الشعر وإن كانَ رهاناً خاسراً كما يُجمع الكثيرون، من خلال إطلاق سلسلة “براءات” التي تنتصر للشعر والنصوص.

وأكدت دار المتوسط أنَّها دار غير ربحية، لا تنشر بمقابل مادي، وأنها “تمنح الشعراء نسبة من مبيعات كتبهم. وخلال هذه التجربة جمعت في ظرفٍ قياسي أسماء شعرية معروفة مع أخرى تنشر لأول مرَّة، حيث لا معيار للنشر إلاَّ معيار الجودة.

ودار “المتوسط” أسسها الشاعر الفلسطيني خالد الناصري في العام 2015، ومقرها في إيطاليا، وتعرف عن نفسها بأنها “دار نشر مستقلة ذات موقف جذري، تؤسس ديناميكية في اختياراتها وآليات عملها انطلاقاً من موقفها”. وشعارها “معاً لنحارب طواحين الهواء”.

وبحسب بيان “المتوسط” فإنها اختارت إدارة وهيئة تحريرٍ تتكوَّن من 30 شاعراً من مختلف البلدان؛ “لضمان التنوع في الأفكار والرؤى، ولاستحالة اتفاق أعضاء الهيئة على ذائقة واحدة. خاصة أنَّ جلّهم يشتغلون في الكتابة الصحفية، والترجمة ومجالات فنّية أخرى، إلى جانب كون أغلبهم شعراء”.

وأكدت الدار أن النصوص والقصائد والمواد التي ستنشرها مجلة “براءات”، تختارُ باتفاق أعضاء هيئة التحرير بناءً على جودتها، وأن هيئة التحرير لا يحق لها نشر نصوصها الشعرية في المجلة، “لمنح موضوعية أكبر لهذا الفضاء الشعري. مع التركيز ضمن استراتيجية النشر على الاشتباك من خلال الملفات والحوارات والمواد المُنجزة بالمواضيع الحساسة، والمسكوت عنها ومقاربتها إبداعياً واشتغالاً أدبياً وشعرياً لا سقف لحريته”.

وستنشغل مجلة “براءات” بحسب بيان دار المتوسط “بكل ما يتعلق بالشعر نصاً ومقالا نقدياً ودراسة نظرية وتطبيقية وحواراً وتقريراً وقصاً ومقاربة بين الشعر وفنون أخرى”، وتهتم بالتقريب بين تجارب الشعراء العرب وتكريس المضيء منها.