فنون وثقافة

أعلن الممثل اللبناني عادل كرم، انضمامه إلى طاقم تمثيل مسلسل “الهيبة” في جزئه الرابع المقرر عرضه في الموسم الرمضاني المقبل 2020.

إعلان كرم جاء عبر حسابه في “تويتر”، يوم 5 من آب، وقال عادل كرم في تغريدته “يشرفني إعلان توقيعي للعمل في مسلسل الهيبة مع الممثلة ديما قندلفت”.


ولم يعرف إن كانت ديما قندلفت ستلعب دورًا مساندًا أم ستكون بطلة العمل، مع طرح عدة أسماء في الفترة الماضية، منها سلافة معمار وستيفاني صليبا، والمصرية عبير صبري، كما رجحت تقارير إعلامية استمرار سيرين عبد النور بطلة الجزء الثالث في بطولة الجزء الرابع.

وقال مخرج العمل المخرج السوري، سامر برقاوي، في تغريدة عبر حسابه في “تويتر”، “كل الحب يا صديقي مكانك في القلب والهيبة ينتظرك”.


الجزء الرابع من المسلسل الذي يقوم ببطولته تيم حسن وأويس مخللاتي ومنى واصف شهد عدة تعديلات في فريق العمل، أبرزها عدم الاعتماد على كاتب السيناريو باسم سلكا، كاتب الجزأين الثاني والثالث، والاتفاق مع فؤاد حميرة لكتابة الجزء الرابع من العمل.

وكتب حميرة عبر صفحته الشخصية في “فيس بوك”، في 3 من تموز الماضي، “ردًا على أسئلة الأصدقاء حول مسلسل الهيبة، تم الاتفاق مع شركة الصباح للإنتاج الفني لكتابة الجزء الرابع من مسلسل الهيبة.. تمنوا لنا حظًا سعيدًا”.


وحقق المسلسل نجاحًا جماهيريًا كبيرًا منذ عرضه للمرة الأولى في عام 2017، وأثار الكثير من الجدل لربط بعض الأشخاص بين شخصية جبل شيخ الجبل ونوح زعيتر تاجر المخدرات اللبناني، وحظي بتكريم في مهرجان دبي السينمائي عام 2017، كما عرض على منصة “NETFLIX” الأمريكية.

وتمت دبلجة الجزء الأول من “الهيبة” إلى اللغة التركية، وعرض على إحدى المحطات المحلية في تركيا، وهو أول مسلسل عربي، يصل إلى سوق الدراما التركية.

ويتناول العمل قصة “جبل” زعيم قرية “الهيبة” تاجر الأسلحة، الذي لا يعترف بالقوانين، ويحصل على كل شيء بالقوة، ومع ذلك يقع في حب “عليا” أرملة أخيه، ويحاول أن يبدو أمامها بهيئة رومانسية، لكنه يفشل، ليترك لها الخيار في النهاية لتقرر مصيرها بنفسها، فتختار البقاء بجانبه.

ويأتي الجزء الثاني ليكمل القصة التي لم تنته في الجزء الأول، ويظهر ذلك من خلال دخول شخصيات جديدة، وحلت الممثلة نيكول سابا بدلًا عن نادين نجيم في شخصية مختلفة، قبل أن تلعب الفنانة سيرين عبد النور البطولة النسائية في الجزء الثالث.

قدمت سوريا مطربين سوريين حققوا نجاحات كبيرة، ويعتبروا إلى اليوم من أهم مطربي العالم العربي، أمثال فريد الأطرش وأسمهان وفايزة أحمد، كما أسهمت سوريا في إطلاق عدد من الفنانين العرب في سماء النجومية، على رأسهم فيروز وملحم بركات ووليد توفيق.

بعض المطربين ممن لم يحققوا نفس شهرة المطربين السوريين، الذين عملوا في مصر كزكية حمدان ومحمد خيري وأحمد صابوني، امتلكوا أصوات رائعة وما زالت أغانيهم تسمع حتى اليوم.

أحمد صابوني

ولد المطرب أحمد صابوني في مدينة حلب عام 1928 لأسرة تعمل بالصابون قرب قلعة حلب، أسهمت خالته في اكتشاف موهبته وتقديمها للجمهور السوري، ليغني في الاستقبالات والمناسبات، حتى تعرف على الموسيقي السوري عمر البطش، أحد أهم الموسيقيين السوريين، ومعلم لعدد من المطربين السورييين، منهم المطرب صباح فخري.


تم إنشاء إذاعة حلب في عام 1949، وكان أحمد صابوني أول من غني فيها.

قدم الفنان الراحل عددًا من الأغاني الطربية، كما عمل في إذاعة بغداد في خمسينيات القرن العشرين، واعتزل الغناء في السبعينيات لأسباب شخصية، وتوفي عام 2005، ودفن في دمشق.


زكية حمدان

ولدت زكية حمدان في مدينة حلب عام 1925،  لأبوين يعملان في المسرح، وهو ما أسهم في تنشئتها الفنية، وتعليمها اللغة العربية والإلقاء بشكل صحيح، ومعرفتها بأهم فناني ذاك العصر.


بدأت حمدان العمل في إحياء حفلات الأعراس والمناسبات الاجتماعية، بالاعتماد على أغاني لفناني ذلك العصر، أمثال محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، لتنتقل إلى دمشق في عام 1946، ولاحقًا إلى بيروت.

مع الشهرة التي حازتها زكية حمدان، تفرغت للعمل مع المسرح القومي بدمشق في خمسينيات القرن العشرين، وغنت قصيدتين يعدهما نقاد موسيقيون من أجمل ما غنت، وهما “خلقت جميلة” و”سليمى”، لتغني بعدها لعدد من الشعراء، أبرزهم نزار قباني، قصيدة “لماذا تخليت عني”.

تنوع غناء زكية حمدان بين القصائد باللغة العربية الفصحى والموشحات والأغاني باللهجات المحلية وعدد من الأغنيات الوطنية.

توفيت زكية حمدان في مدينة الكويت عام 1987.


محمد خيري

ولد محمد خيري في حلب عام 1935، وتميز صوته بالمساحة الواسعة، تعلم القرآن الكريم وتجويده على يد والده الذي امتلك صوتًا جميلًا هو أيضًا، ليتتلمذ لاحقًا على يد الموسيقي بكري الكردي، ويبدأ بالغناء على مسارح حلب، ثم ينتقل إلى الإذاعة بعد افتتاحها في عام 1949، إلى جانب صباح فخري وأحمد صابوني وغيرهم.


مع افتتاح التلفزيون السوري عام 1960، أيام الوحدة مع مصر، انتقل محمد خيري إلى دمشق، ليعمل في عدد من البرامج الموسيقية، قم استقر بعدها في بيروت، التي توفي فيها عام 1981 أثناء غنائه في إحدى الحفلات الموسيقية.

شهد الموسم الرمضاني الفائت غزارة إنتاجية سورية على صعيد الكم، ليصل عدد الأعمال السورية المنتجة لهذا العام إلى 30 مسلسلًا دراميًا في خط بياني متصاعد عن الأعوام السابقة.

ترافق هذا الإنتاج مع دخول عدة شركات عربية على خط الإنتاج الدرامي السوري، سواء بالإنتاج المباشر كمسلسل “عندما تشيخ الذئاب”، من إنتاج “أبو ظبي للإعلام”، أو من خلال ما يعرف “بالبان أراب” أو “الإنتاجات العربية المشتركة”، التي أنتجتها شركتا “الصباح” و”إيغل فيلم”، كمسلسلي “الهيبة” و”الكاتب” اللذين تم تصويرهما في بيروت، أو من خلال مسلسل “دقيقة صمت” الذي تم تصويره بشكل كامل في سوريا.


مع دخول “أبو ظبي” على خط الإنتاج، وتوقعات بافتتاح مكاتب للشركتين اللبنانيتين في سوريا، يثار التساؤل عن سبب هذه العودة، وهل ستفتح الباب لشركات عربية أخرى للاستثمار الدرامي في البلد التي تعاني أزمات متلاحقة؟ وما علاقة هذه العودة بالتطبيع العربي مع سوريا بعد افتتاح الإمارات سفارتها في سوريا نهاية عام 2018؟

دخول الشركات العربية.. استثمار مالي

يرى المخرج السوري أيهم سلمان عودة هذه الشركات منطقية لأن الإنتاج الدرامي العربي تضرر كثيرًا بسبب اختلال الأوضاع الأمنية في سوريا، ويشير إلى أن العامل الأهم هو أن تكاليف الإنتاج الدرامي في سوريا قليلة مقارنة بالدول الأخرى المجاورة كلبنان ومصر ودبي، بسبب انخفاض أجور الفنيين وأماكن التصوير المتاحة.

ولا تزال الدراما السورية سلعة رائجة ورخيصة بالمقارنة مع الإنتاجات الأخرى بما يشمل أجور الفنانين أنفسهم، بالمقارنة بين أجور الممثل السوري والممثل المصري أو الخليجي.

بينما يرى المخرج السوري دلير يوسف أن الاستقرار النسبي بمناطق سيطرة النظام في سوريا، وعودة بعض الفنانين السوريين للعمل في الدراما السورية في الموسم الماضي يعطي انطباعًا بوجود فرصة لصنع دراما سورية مرة أخرى.

دخول السوق السورية لا يقتصر على الجانب الإماراتي، إذ نقلت مجلة “سيدتي” الفنية، في 2 من تموز الماضي، نية المنتج اللبناني صادق الصباح إنشاء فرع لشركته داخل الأراضي السورية.

وقال مصدر من داخل الشركة إن كل الأمور مطروحة على الطاولة، ما يفتح الباب أمام دخول شركة “إيغل فيلم” وصاحبها جمال سنان، نظرًا للتنافس الكبير بين الشركتين.

الدراما لا تنفصل عن السياسية

أثار افتتاح السفارة الإماراتية في دمشق، في كانون الأول من عام 2018، جدلًا كبيرًا مع رغبة الإمارات بتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وهو ما يضع ضخ الأموال الإماراتية في الدراما السورية في خط موازٍ للتحركات السياسية.

هل يمكن حقًا فصل الدراما عن السياسة في سوريا؟ لا يعد هذا السؤال ترفًا في الحالة السورية تحديدًا، إذ إن سيطرة النظام على كل تفاصيل الحياة السورية لا تجعل متابعي الإنتاجات الدرامية ينظرون للأمر من زاوية مختلفة، وهذا ما يؤكده دلير يوسف لعنب بلدي.

ويقول دلير إن السياسة بالشكل العام تتدخل في أدق تفاصيل حياة الإنسان، وبالتأكيد فإن الفن الذي يتم إنتاجه في سوريا مرتبط بالسياسة، بينما يرى أيهم سلمان أن المعيار الأساسي للاستثمار الدرامي هو معيار اقتصادي، لا يأخذ بعين الاعتبار الوضع السياسي.

وأوضح سلمان، “المنتجون العرب لم يقطعوا علاقاتهم مع المنتجين السوريين بغض النظر عن التباينات السياسية، وعمليًا المنتج العربي لا يملك وجهة نظر سياسية عن سوريا، ولا يعنيه الملف السوري، ربما يكون متعاطفًا مع طرف دون الآخر وتتضمن أعماله رسائل سياسية معينة، وستجد في العمل التالي مباشرة رسائل سياسية مختلفة، لكن الأهم بالنسبة له هو الاستثمار فقط”.

سياسي اقتصادي.. الأسد يستثمر في القطاع الدرامي

بإمكان النظام السوري استثمار عودة المنتجين العرب لتصوير الأوضاع الاقتصادية والأمنية في سوريا على طبيعتها، وأنها عادت كما كانت قبل عام 2011، وهو قادر على توجيه رسائل اقتصادية للمستثمرين العرب في قطاعات أخرى أيضًا.

ويرى أيهم سلمان النظام لم يكف أصلًا عن استثمار هذا الأمر، ففي أكثر اللحظات العسكرية حرجًا له عندما كانت المعارك في محيط دمشق لم يتوقف عن تصوير الحياة على أنها وردية وتوجيه رسائل التطمين للخارج رغم العقوبات، واليوم للأسف صار الموضوع أمرًا واقعًا، خاصة مع تقديم التسهيلات الاستثمارية والتراخيص اللازمة، مع توجيه رسائل غير مباشرة للمستثمرين في قطاعات أخرى.

ويشير سلمان إلى أن هذه العودة ربما تكون مهمة اقتصاديًا لتأمينها فرص عمل لشريحة معينة من الناس، إلا أنها مهمة للنظام لأنها تغطي جزءًا من العجز الاقتصادي- الاجتماعي وتروج لقدرته على إعادة إحياء البلاد.

كلام سلمان يتفق معه المخرج السوري هوزان عبدو، الذي يؤكد لعنب بلدي أن الدراما صناعة متكاملة ومن شأنها أن تسهم ولو بجزء يسير بتحسين حياة الناس اقتصاديًا.

بينما يرى المخرج يامن عبد النور أن عودة الدراما تؤثر على الأشخاص العاملين والقائمين على الأعمال الدرامية وليس على الصعيد الاقتصادي ككل، فالأرباح التي تجنيها الأعمال الدرامية تؤثر على أصحابها فقط، أما دخولها في دائرة اقتصادية كاملة في سوريا فهذا أمر صعب.

المخرج دلير يوسف يختلف مع تصريحات سلمان وعبدو، إذ يرى أنه من المعيب أصلًا الحديث عن تحسن اقتصادي من خلال الدراما في بلد يعيش الملايين من مواطنيه تحت خط الفقر وسط مئات البيوت المهدمة، وعدم توفير المياه النظيفة على الأقل لسكانه.

ويضيف دلير، فيما يخص الشق السياسي، أن “الأسد كأي ديكتاتور آخر يستغل أي خطوة لتعزيز موقعه في السلطة، ونرى جيدًا كيف يستغل الدراما والأفلام لتلميع صورته وكيف يحاول محو الذاكرة الجمعية للسوريين، ويبني قصته الخاصة الذي يريد بقاءها”.

مع تزايد أهمية الفن السينمائي عالميًا وتعاظم دوره يومًا بعد يوم وتحوله إلى قوة ناعمة بيد الدول، تظهر أصوات تسخف من دور هذا الفن وأهميته، وتتحدث عن انحسار تأثيره في المجتمعات العربية وسط الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، مطالبة بحل المشاكل العالقة بداية قبل الانتقال إلى “رفاهية” الفن.

تلعب السينما والدراما التلفزيونية، دورًا مهمًا في المسيرة الحضارية للدول والمجتمعات، وتستخدم أيضًا سلاحًا للترويج لسياسات الدول والحكومات، وفي رفد خزينة الدولة اقتصاديًا حتى في دول نامية مثل العالم العربي، كمصر وسوريا ولبنان باعتبارها الدول الأكثر إنتاجًا للأعمال الفنية عربيًا.

معادلة صعبة.. إرضاء الجمهور أم تقديم رسائل

باهي مصطفى، مخرج سينمائي مصري، يقول إن الفن كأي عنصر في البيئة المحيطة بالإنسان يؤثر ويتأثر به، موضحًا أن “الفنان لديه هاجس بتقديم ما يريده الناس لتحقيق النجاح والجماهيرية، إلا أن واجبه تقديم رسائل وأفكار في وسط ما يريدون، فإن تخلى عن واجبه سيقدم للناس فنًا هابطًا يهبط بمستواهم أكثر، وإن تخلى عن إرضائهم يفشل ويتحول لإعلامي يستخدم لغة خطابية، لذا فالفن الحقيقي المؤثر بالناس هو القادر على تحقيق هذه المعادلة الصعبة”.

وتوجد نظريات كثيرة تتحدث عن دور الفن وأثره النفسي وانعكاسه على الجمهور من خلال المواد التي تظهر على التلفاز، سواء كانت أفلامًا أو برامج أو مسلسلات درامية، بحسب ما يقوله المخرج السينمائي السوري أيهم سلمان، لعنب بلدي، معتبرًا أن هذه المواد التي تشاهد بكثافة وتزرع أفكارًا في عقول الناس ستؤثر حتمًا على المدى الطويل، خاصةً أن السينما والمسلسلات تتعاطى مع عواطف الناس، وتدفعهم لأخذ مواقف من شخصيات معينة، سلبًا أو إيجابًا.

هل فقد الفن دوره حقًا في العالم العربي؟

مع التدهور في المنطقة العربية، يرى متابعون ومشاهدون للفن السابع والشاشة الفضية العربية أنهما ما عادا يملكان نفس التأثير السابق، معتمدين على أن منظومة الصناعة الفنية بحد ذاتها في العالم العربي تعاني من مشاكل كثيرة، سواءً باعتمادها على الشللية الفنية ومنح الأدوار لمن لا يستحق على حساب الأفضل، أو فيما يتعلق بالمواضيع المطروحة وطريقة معالجتها، وحتى فيما يتصل بالشق المؤسساتي.

ويرى باهي مصطفى أن هذا النوع من الفنون فقد دوره بالفعل، خاصة في “عصر العولمة والسماوات المفتوحة التي تجعلك ترى كل ما يقدمه العالم”.

ويقول، “الناس يشاهدون ما يعرض في الخارج، ويقارنونه بالمنتج العربي الموجه سياسيًا وفكريًا لخدمة الأنظمة لتصبح النتيجة المنطقية أن المتفرج سيفضل مشاهدة الفن المستورد أفضل من مشاهدة ما تشكله الدولة لا الفنانون”.

ويختلف أيهم سلمان مع باهي في هذه النقطة من مبدأ آخر، وهو أن الفن عامة والسينما خاصة يحتفظان بعامل التأثير دائمًا بشقيه السلبي والإيجابي، ضاربًا مثالًا بفيلم “بيروت الغربية” الذي أنتج عام 1998، ويصور الانقسام في بيروت بسبب الحرب الأهلية وحقق صدمة على صعيد السينما اللبنانية وفتح الباب أمام الجيل الجديد لمراجعة المواقف في أثناء الحرب.

كيف فقدت السينما دورها في العالم العربي

يرى الاختصاصي النفسي، محمود شخيص، أن التغيرات والحروب في المنطقة لها تأثير كبير على المجتمع، من خلال انشغال الناس الذين خضعوا لهذه التجارب المؤلمة، كاللجوء إلى بلدان أخرى، بتأمين احتياجاتهم الأولية، وهذه عوامل قللت من تأثير الفن على الناس.

لكن شخيص يردف أن الفن لم يفقد دوره في منطقتنا كليًا، بل تراجع قليلًا بحكم الظروف الحالية في المنطقة العربية والإمكانات المتاحة.

بينما يرى المخرج المصري باهي مصطفى أن التغييرات التي شهدها المجتمع العربي في السنوات الأخيرة أدت إلى تراجع الفن عمومًا وليس السينما أو التلفزيون فقط، فالحالة الاقتصادية تلعب دورًا كبيرًا في ظل الأزمات الحالية، وازدادت وحشية الرقابة والأنظمة التي تضيق الخناق على الحركة الفنية أكثر وأكثر في النواحي الفكرية أو في النواحي التنفيذية وعمليات التحضير للأعمال الفنية، بحسب تعبيره.

ويشير المخرج السوري أيهم سلمان إلى ظاهرة غريبة وتحديدًا في الحالة السورية، أشبه بالانفصام، وليست عند المتلقي فقط بل حتى عند صانع الدراما والسينما، إذ نجد الأخير يتكلم عن الحرية والديمقراطية ويسخر من الشبيحة ورجال الأمن، خاصة في الأعمال الكوميدية، لكنه نفسه لديه مواقف تشبيحية في الحياة العملية.

ومن الممكن أن يكون المتلقي نفسه شبيحًا أيضًا، يقبل الرسالة ويعتبر أنها تتحدث عن شخص آخر كليًا، بحسب ما يشير سلمان، معتبرًا أن هذه النماذج موجودة وكثيرة، وربما لم تكن واضحة للغاية قبل الحرب السورية إلا أنها باتت أكثر وضوحًا اليوم.

صناع السينما متمسكون بالتأثير

رغم الإحباطات التي يعيشها صناع السينما والدراما في العالم العربي، يتمسك الفنانون بأن السينما والتلفزيون هو الشيء الوحيد القادر على التغيير في الفترة الحالية. هذا الرأي يمثل شريحة واسعة من الفنانين السوريين أو المصريين، خاصة المستقلين منهم.

ويشير باهي إلى أن الفن قادر على إحداث التغيير بعيدًا عن الاستقطابات السياسية والفكرية التي لا تؤدي إلا لمزيد من المشاحنات، وهذا لا ينفي مرور صناعة السينما والدراما في العالم العربي بأزمة مخيفة، بحسب تعبيره.

ما زال بعض الفنانين والمخرجين والكتاب يجتهدون ويقاومون في ظل الظروف الكارثية التي تعيشها المنطقة، بحسب باهي، ولكن لا توجد مساحة ولا قدرة بعد هذه الثورات والحروب على التفكير والنقاش، وهو ما يختلف معه أيهم سلمان اختلافًا جذريًا، إذ يؤكد أن الفن بالشكل العام بما فيه السينما والدراما قادر على التغيير، اليوم وأمس وغدًا، طالما أنه يغرس أفكارًا ويتناولها بعمق ويعرف كيف يركز على القصة وعناصرها وشخصياتها وتاريخ هذه الشخصيات، إلا أنه يحتاج وقتًا.

عوامل غير سياسية تؤثر أيضًا

يرى باهي مصطفى أن المعتقدات الدينية هي أحد التابوهات الثلاثة التي تحد من حرية الفن في عالمنا العربي كما السياسة، معتبرًا أن المعتقد الديني أشرس من المعتقدات السياسية، والهجوم على أي عمل يمس هذا المعتقد يكون أعنف عادة ويتم رفضه رسميًا وجماهيريًا، حتى لو حصل هذا العمل على النجاح الجماهيري لاحقًا كفيلم “الرسالة” للمخرج السوري مصطفى العقاد.

ويشير أيهم سلمان إلى أن هناك مثالًا حيًا هو السينما الإيرانية، التي قدمت إنجازات مهمة على الأقل في الوقت الحديث عبر مخرجيها الذين قدموا أفلامًا استطاعت فك الارتباط بين السلطة الدينية القائمة والسينما والمجتمع وعكسوا صورة غير معروفة عن المجتمع الإيراني بذكاء بالغ وبطريقة غير مباشرة، تحت المعايير الدينية والسياسية والعادات والتقاليد المجتمعية ولم تؤثر عليهم القيود المفروضة.

استطاع هؤلاء المخرجون التأثير على المجتمع الإيراني وعلى المجتمعات الخارجية، وحتى دول الخليج، فرغم ضعف الإمكانيات الفنية وقلة خبرتهم استطاعوا إنتاج أعمال قادرة على كسر تابوهات مجتمعية، بعكس لبنان مثلًا الذي لا يملك كل هذه القيود، لكنه نجح على صعيد السينما ولم ينجح في الدراما، وإذا قيمنا التجربتين فإن صانع الفيلم الذي فُرضت عليه قيود أكثر نجح أكثر، وبكل الأحوال لا يمكن فصل ذلك عن عراقة الفلسفة وهذه الصناعة الفنية التراكمية.

ويرى سلمان أن المجتمعات التي لا تملك قيودًا ومعوقات لا تملك التحريض على الحركة الإبداعية، وربما تقدم إيران جودة سينمائية لأن هذه القيود مفروضة الآن، فالأزمات والقيود هي ما يحرض على الإبداع أحيانًا، وهذا ما حصل في حرب البلقان، التي صنعت المخرج أمير كوستوريتسا، وفي الحرب الأهلية اللبنانية التي خرجت مخرجين سينمائيين مهمين للغاية.