الاقتصاد والأعمال

تستخدم 80 مزرعة في جسر الشغور الطاقة الشمسية لاستجرار مياه الري لمزروعاتها، مستبدلة مضخات صديقة للبيئة بالمضخات التقليدية.

ونفذت منظمة “بنفسج” المشروع الذي بدأ مع نهاية عام 2018، بدعم من منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، بهدف تشجيع المزارعين على المداومة على الزراعة بكميات أكبر وأنواع أكثر.

حاجة بالغة ودعم لا يناله الجميع

وضعت منظمة (الفاو) في خطتها لعام 2019، هدف مساعدة 3.5 مليون شخص بمبلغ 120 مليون دولار، بمشاريع تدعم الإنتاج الزراعي وتحد من نقص الأمن الغذائي الذي يعاني منه 5.7 مليون سوري بشكل حاد، و2.5 مليون بخطر التعرض له، بحسب تقديرات المنظمة الأممية.

وتقدّر المنظمة أن 600 ألف عائلة مزارعة بحاجة للحصول على آليات زراعية مناسبة، وأسهم هذا المشروع بتلبية احتياج الأسر الأكثر ضعفًا، حسبما أشار عبد الرازق عوض، مدير برنامج الأمن الغذائي وسبل العيش في منظمة “بنفسج”.

وأوضح عوض، في حديثه ، معايير الاستحقاق التي نالت على أساسها العائلات المزارعة الألواح والمنظومات الشمسية مبتدئًا بالأسر التي تفتقد الدخل الثابت، والتي تعيلها أنثى، والتي تملك ثلاثة أطفال أو أكثر.

الأسرة المفتقدة للمعيل، والتي تعاني من العوز الغذائي، والتي لا تستفيد من توزيع القمح والخضراوات نالت الدعم أيضًا، إضافة إلى الأسر التي تضم فردًا ذا إعاقة، والتي يعيلها رجل مسن.

وكان الشرط الأساسي للاستفادة من المشروع، ألا تزيد مساحة الأرض للعائلة الواحدة على هكتار واحد.

وتعتمد المضخات الجديدة في عملها على كمية الأشعة الشمسية التي تصل إلى ألواح الطاقة المتصلة بها، وتجاريها بمقدار الضخ.

وتكمن أهمية المشروع، حسبما قال مدير البرنامج التنفيذي، بتخفيفه تكلفة الوقود وإصلاح المضخات على المزارعين، وستعمل المنظمة على بدء مشروع آخر في الأشهر القليلة المقبلة.

ورغم تقديم منظمة (الفاو) الدعم المالي للمشاريع التنموية، تتوقع استمرار ارتفاع معدلات نقص الأمن الغذائي خلال العام، في القطاع الذي يؤمّن غذاء نصف السكان ويسهم بـ25-30% من الناتج المحلي الإجمالي.

تمكن المزارعون في ريف حمص الشمالي من حصاد محصول القمح، بعد تعثر دام قرابة شهر، لعدم توفر الحصادات في المنطقة وتوجهها إلى المنطقة الشرقية (الجزيرة السورية) حيث الموسم “الضخم”، علمًا أن تكلفة حصاد الدونم الواحد من القمح أو الشعير تصل إلى سبعة آلاف و500 ليرة سورية.

تسويق المحصول يعتبر أحد أكبر التحديات التي يواجهها المزارعون، فبعد اتفاق “المصالحة” توقف عمل مؤسسة إكثار البذار ومشروع الأمن الغذائي المدعومين من وحدة تنسيق الدعم (ACU) في “الائتلاف السوري” المعارض، الذي كان المعني بشراء المحصول في أثناء سيطرة فصائل المعارضة على المنطقة.

بعد عودة المنطقة لسيطرة قوات الأسد أصبحت تجارة القمح محصورة في دوائر الدولة بحكومة النظام السوري فقط، ما اضطر المزارعين إلى الانتظار لأيام على طابور التسليم عند مدخل مدينة حمص من أجل تسليم محصولهم إلى صوامع الحبوب، وهو أمر دفعهم لاستئجار سيارات لنقل الحبوب إلى الصوامع، وأصبحوا محكومين بمزاج أصحاب السيارات والمبالغ التي يطلبونها.

ارتفاع أجور النقل

رفع أصحاب السيارات والجرارات الزراعية أجور النقل لتتخطى حاجز الـ 35 ألف ليرة، كما فرضوا مبلغ عشرة آلاف ليرة سورية عن كل يوم انتظار في طابور التسليم أمام الصوامع.

“محمد أبو خليل” من مزارعي قرية المكرمية، يقول في حديث لعنب بلدي إنه ورغم وفرة المحصول هذا العام، إلا أن أجور الحصاد وأجور النقل تكاد تأكل الأرباح، فتكلفة نقل المحصول إلى صوامع الحبوب أصبح عبئًا بذاته، وارتفعت أجرة السيارة إلى 30 ألف ليرة، أما الجرارات الزراعية فأصحابها يطلبون 25 ألف ليرة سورية، ويضاف إليها أجور الانتظار على طابور الصوامع، والتي تتخطى حاجز 10 آلاف ليرة في اليوم الواحد.

“لؤي” (طلب عدم ذكر اسمه كاملًا) صاحب سيارة في ريف حمص، يقول إن رفع الأجور يرتبط بغلاء المازوت في السوق السوداء، إذ يبلغ سعر الليتر الواحد 400 ليرة سورية، مضيفًا أن “السيارة تحمل بكامل طاقتها مما يزيد من المصروف والاهتلاك، أما أيام الانتظار فالطابور طويل على مراكز التسليم وليس من المعقول أن أعطل سيارتي بالمجان”.

رشاوى على أبواب الصوامع

الطوابير وساعات الانتظار لا تنعكس آثارها على الأجور فقط، بل أدت إلى فتح باب الرشاوى والمحسوبيات، فللضباط والعسكريين و”المدعومين” أفضلية في التسليم، وللمزارعين الانتظار، إذ اضطروا إلى دفع الرشاوى لموظفي الصوامع للإسراع في تسليم محصولهم، فكل يوم يمضي على الطابور يعني زيادة على أجور النقل.

“أبو محمد”، من مزارعي سهل الحولة، يقول في حديث لعنب بلدي إنه اضطر لدفع مبلغ سبعة آلاف ليرة سورية مقابل تسليم المحصول في نفس اليوم، “فلا مجال للتأخير، فكل يوم انتظار هو زيادة في أجور النقل”.

ويضيف المزارع أنه دفع رشوة ألفي ليرة سورية للقبان الإلكتروني، علمًا أنه مجاني، إضافةً إلى تقديمه “تحلية” (حلوان) للجنة الشراء تبلغ 15 ألف ليرة، بعد أن صنفت محصوله نخب أول، مشيرًا إلى أن تسليم المحصول يترتب عليه أكثر من 30 ألف ليرة رشاوى، وفي حال عدم الدفع، أمام المزارعين الانتظار.

ارتفاع أجور النقل والرشاوى أدى إلى ظهور مجموعة من التجار عرفوا باسم “تجار التسليم” يقومون بشراء القمح بـ 156 ليرة للكيلو الواحد من أرض المزارع، ومن ثم يقومون بشحنه وتسليمه إلى الصوامع.

عدد كبير من المزارعين اضطروا للتعامل مع “تجار التسليم”، لعدم قدرتهم على تحمل مصاريف النقل، ومن بينهم “خالد أبو عزيز”، من مزارعي مدينة تلبيسة، الذي قال لعنب بلدي إنه باع محصوله لأحد “تجار التسليم”، وأضاف، “بالكاد استطعت تأمين مبلغ لسداد أجرة الحصادة، واضطررت إلى بيع محصولي بـ 154 ليرة لأحد التجار”.

وبلغت المساحة المزروعة بالقمح في حمص خلال الموسم الحالي 35.672 ألف هكتار والشعير نحو 43 ألف هكتار، في حين قدرت مديرية زراعة حمص إنتاج المحافظة من محصول القمح خلال الموسم الزراعي الحالي بنحو 52 ألف ‏طن، بحسب وكالة “سانا” في 9 من أيار الماضي.

تشهد المناطق الحدودية في الشمال السوري اكتظاظًا سكانيًا إثر موجات النزوح الأخيرة، ويصطدم أغلب النازحين بأعباء إيجارات السكن، كخيار بديل عن الاستقرار في المخيمات.

إذ وصل عدد النازحين إلى الشمال السوري في الفترة بين 2 من شباط الماضي و17 من حزيران الماضي إلى أكثر من 550 ألف شخص، إثر الحملة العسكرية التي يشنها النظام السوري على ريفي حماة وإدلب.


وبينما تحافظ المناطق الحدودية مع تركيا في ريف إدلب الشمال على استقرار نسبي، وتستقطب عددًا أكبر من النازحين، بدأت مشاريع الاستثمار العقاري بالازدهار في المنطقة، والتي تهدف إلى بناء وحدات سكنية لحل أزمات السكن في الشمال.

“الشركة السورية للمقاولات”، هي إحدى الشركات التي بدأت بتنفيذ مشروع لمجمع سكني متكامل، تبدأ أسعار الشقق فيه من 5000 دولار أمريكي (2.5 مليون ليرة سورية تقريبًا) يدفعها المشتري بالتقسيط، الأمر الذي يوفّر لبعض النازحين ميسوري الحال فرصة شراء عقار بدلًا من استئجاره.

منازل بالتقسيط

تحتوي “مدينة المجد” التي تقوم “الشركة السورية” ببنائها على شقق من ثلاث أو أربع أو خمس غرف، بحسب عماد المغباني، مدير الشركة، كما تضم مشفى ومدرسة وروضة ودارًا للأيتام ودارًا لذوي الاحتياجات الخاصة.

ويضيف المغباني لعنب بلدي، أنّ الراغبين بشراء شقة يدفعون ألف دولار أمريكي كقسط أول، ثم ألف دولار أخرى مع تعمير كل سقف في المنزل، وبعد إتمامه يصبح القسط الشهري للمنزل نحو 100 أو 150 دولارًا بحسب حجم الشقة وسعرها، إذ تبدأ أسعار الشقق من خمسة آلاف دولار أمريكي.

ويشير المغباني إلى أنّ فكرة المشروع قد تكون حلًا لمشكلة الإيجارات التي يعاني من ارتفاعها بعض النازحين، “فبدلًا من أن يدفع النازح نحو 150 ألف دولار شهريًا، يمكن أن يدفعها كقسط للمنزل الجديد، ويصبح مالكه”.

ويتابع، “المشروع يؤمّن فرص عمل لأكثر من ألف عامل، ما يساعد على الاستقرار في الشمال السوري ويشجعهم على عدم مغادرة السوريا، ويفتح فرص استثمار للعرب والأجانب للعمل في الداخل السوري والشمال المحرر”.

ليس في متناول الجميع

بينما قد يوفّر المشروع فرصة مهمة للتملك العقاري لبعض النازحين الذين خسروا عقاراتهم في مدنهم وبلداتهم وقراهم، يجد فيه آخرون عبئًا ماديًا لا يستطيعون تحمله.

عبد المحسن حميدي، هو نازح من قلعة المضيق إلى سرمدا، وأحد المستثمرين في عقار ضمن “مدينة المجد”، على أمل تملكه في حال انتهى بناؤه.

يقول عبد المحسن لعنب بلدي، “بعد أن اتجهت إلى الشمال السوري، اضطررت لاستئجار منزل، وبما أن الإيجارات تتراوح بين 150 و250 دولارًا أمريكيًا، لجأت إلى الاستثمار في منزل في الشمال السوري بداعي الاستقرار، ومتابعة عملي ودراستي”.

بالمقابل، لا يبدو تملك الشقق حلًا بالنسبة لعمر العيوش، وهو نازح من ريف إدلب الجنوبي، إذ اضطر، نتيجة ضيق الأحوال المادية، للسكن في خيمة، كحل بديل عن استئجار منزل بسعر مرتفع.

ويضيف عمر لعنب بلدي، “ليست لدي القدرة نهائيًا أن أدخل بمشروع سكني وأشتري منزلًا، ولو أستطيع ذلك لما سكنت في خيمة”، ويتابع “لسنا مستقرين، كما أن أوضاعنا المادية صعبة ولا نملك سعر ربطة الخبز”.

أما بالنسبة للنازحين الذين يقومون باستئجار منازل في المناطق الحدودية، فيشكل الأمر عبئًا ماديًا على أغلبهم، بحسب بهاء المحمد من ريف إدلب الجنوبي، الذي يؤكّد لعنب بلدي أنّ “أسعار الإيجارات في المناطق الحدودية مرتفعة جدًا”، لافتًا إلى أنّ “بعض المؤجرين يستغلون الأمر ويجبرون النازحين على توقيع عقود إيجار لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر”.

ويتابع بهاء، “معظم النازحين ليست لديهم القدرة على شراء منازل في المنطقة، وأنا أحدهم لا أستطيع شراء منزل، فأرخص منزل يصل سعره إلى ستة ملايين ليرة سورية”.

بلغت الكميات المسوّقة من القمح، في الموسم الحالي، أكثر من 562 ألف طن نصفها من محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا بزيادة بلغت نحو ثلاثة أضعاف.

ونقلت صحيفة “الوطن” المحلية اليوم، الخميس 4 من تموز، عن مدير عام المؤسسة السورية للحبوب، يوسف قاسم، أن كمية القمح التي سُوّقت من موسم القمح الحالي وصلت إلى أكثر من 562 ألف طن.

بينما وصل التسويق العام الماضي، في ذات الفترة، إلى 188 ألفًا، بحسب قاسم.

وتوقع المدير العام للمؤسسة السورية للحبوب، بحسب معطيات الحصاد، أن تصل الكميات إلى مليون طن من القمح.

وكان الموسم الماضي انتهى بتسويق 349 ألف طن.

وتصدرت محافظة الحسكة (الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية) نسبة القمح المسوّق، إذ بلغ حجم التسويق فيها 275 ألف طن، وتليها محافظة حماة بـ 128 ألف طن، ومحافظة حلب 90 ألف طن، ومحافظة حمص بـ 30 ألف طن، ودرعا بـ 17 ألف طن، بحسب المديرية العامة للتجارة والحبوب.

ووزعت حكومة النظام 101 مليار ليرة على المحافظات لتسديد ثمن القمح للفلاحين.

وأشار قاسم إلى أن الحكومة خصصت مبلغ 400 مليار ليرة لتسويق موسم القمح الحالي.

وضربت سلسلة من الحرائق، منها مفتعلة ومنها متعلقة بظروف المناخ، مساحات مزروعة بالقمح والشعير خلال شهر حزيران الماضي، شملت مناطق شمال شرقي سوريا وشمالها الغربي بالإضافة إلى السويداء وريف دمشق.

وبحسب ما أوضح مسؤول هيئة الاقتصاد والزراعة، في المجلس التنفيذي التابع لـ”الإدارة الذاتية”، سلمان بارودو، لعنب بلدي، فإن الحرائق التهمت أكثر من 382 ألف دونم في شمال شرق سوريا، بخسارة تقدر بنحو 17 مليار ليرة سورية.

وتتفاوت كميات الإنتاج في كل عام بسبب المعارك، إلى جانب متغيرات متعلقة بالمناخ وتوزع السيطرة على المناطق.

ومنذ عام 2011 انخفض محصول القمح ليبلغ العام الماضي 1.2 مليون طن، وهو أدنى إنتاج منذ 29 عامًا، بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)

وقال مدير عام مؤسسة الحبوب إن تقديم عقود استيراد القمح، سيكون في الثامن من الشهر الحالي، لاستيراد 200 ألف طن، مع استمرار وصول بواخر محملة بالقمح من العقود القديمة، ويتم العمل حاليًا على تعزيز المخزون الاستراتيجي.

وكان وزير التجارة الداخلية السابق، عبد الله الغربي، قال في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك” الروسية في آذار 2017، إن “سوريا كان لديها احتياطي من القمح يكفي لخمس سنوات، لكن الآن نستورد القمح من روسيا. حاجة سوريا السنوية حوالي مليوني طن قمح، نستوردها من روسيا وندفع ثمنها كاملًا ونقديًا”.

في حين أوضح الوزير السابق لـ “رويترز” في 25 من حزيران العام الماضي، أن سوريا تخطط لاستيراد 1.5 مليون طن، معظمها من القمح الروسي.