السياسة

انتقد مدير منظمة أطباء تحت النار ومستشار المنظمات غير الحكومية الطبية في إدلب، الدكتور هاميش غوردون، تقاعس الغرب الذي وصفه بـ "المخزي" إزاء كارثة المدنيين في سوريا، في وقت يفعل فيه المستحيل لاحتواء فيروس كورونا.

وفي مقال له بصحيفة ديلي تلغراف، قال إنه وغيره من الأطباء الذين يشاركون بقوة في الدعم الإنساني السوري، يسبحون ضد موجة سريعة من اللامبالاة، حيث تقع أفظع الأعمال الوحشية على مرأى من الجميع وسط القتال الدائر في محافظة إدلب.

وأضاف: "بعد 8 سنوات من الحرب يبدو أن ذروة تدخل الغرب هي مجرد عبارات مبتذلة في الأمم المتحدة، ومن الواضح أننا في الوقت الحالي سنقوم فقط بتدفئة وإطعام وحماية البائسين في إدلب بالكلمات بدلا من الأفعال، ولا يمكن لرئيس دولة أو رئيس وزراء أو مسؤول كبير أو طاغية، أن يقول إنهم لم يروا هذه المأساة".

وألمح غوردون إلى أن الدول الغربية بما فيها بريطانيا، كانت معارضة تماما للتدخل لإنقاذ أرواح المدنيين في سوريا، ومع ذلك ضخت 3.5 مليارات دولار في شكل معونات قدمها آخرون بالوكالة.

وأضاف: "دور الغرب وفقا لوزير الخارجية الروسي في كلمته بمؤتمر ميونيخ الأمني الأسبوع الماضي، يقتصر وفق ما يبدو على التأقلم مع الوضع الجديد وإعادة بناء سوريا بملياراتنا، بمجرد أن يصبح الأسد مسيطرا تماما"، وتساءل: "هل هكذا يجب أن يُختزل دور الغرب بأن يتبع أوامر الدكتاتوريين؟".

ويأمل الدكتور غوردون في ختام مقاله أن تولي بريطانيا العالمية الجديدة الواثقة مع قائدها الجديد وفريقه اهتماما بأطفال سوريا، وإذا لزم الأمر استخدام أفضل القوات العسكرية لتقديم المساعدات الإنسانية وسط كارثة إدلب قبل فوات الأوان

عادةً ما تستخدم تركيا ورقة "اللاجئين السوريين" للضغط على الدول اﻷوربية، إﻻ أنّ الواقع الميداني، فوق المسرح العسكري السوري، وفرض توازنات جديدة، وخارطة، تفوق فيها النظام على معارضيه، أيقظت اﻷوربيين، الذين تحسسوا رأسهم.

وخرجت خمس دولٍ أوروبية عن صمتها، أمس الجمعة، وطالبت النظام بالوقف الفوري لاعتداءاته على منطقة إدلب شمال غربي سوريا.

أتى ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده مندوبي بلجيكا وفرنسا وبولندا وإستونيا وألمانيا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك.

لماذا اﻵن؟

ويبدو أنّ حركة النزوح الكبيرة التي شهدتها إدلب وريفها، وعموم المحرر في الشمال السوري، وعجز تركيا عن إيقاف هجوم النظام وروسيا، دفع للخشية اﻷوربية أو من خلال تهديد تركي تحت الطاولة، من فتح "أنقرة" الحدود للهاربين من أجل البقاء على قيد الحياة، وهذا ما تشير إليه معظم التصريحات اﻷوربية الرسمية.

فقد قال مندوب إستونيا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير سيفن جيرجنسن، إن دول الاتحاد الأوروبي تشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد العسكري المستمر شمال غربي سوريا، الذي أدى إلى نزوح أكثر من 800 ألف شخص منذ الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وطالب السفراء الخمس للاتحاد الأوروبي النظام وداعميه بالكف عن هجومهم العسكري، ووقف حقيقي ودائم لإطلاق النار وضمان حماية المدنيين.

ضعف تركي أم تحريك الراكد؟

وبدا واضحا بحسب محللين أن أنقرة، تمارس نوعا من الضغط على اﻷوربيين، الفترة الماضية، عبر التهديد بفتح أبواب حدودها مع جيرانها اﻷوربيين، وتركه مفتوحا أمام اللاجئين السوريين.

إﻻ أنّ التصعيد الروسي ونظام اﻷسد، هذه المرة دفع بالدول اﻷوربية للتحرك، على عكس السنوات الفائتة، بعد اﻹحساس الجازم بأنّ المشكلة اقتربت أكثر من حدود بلادهم، وﻻ يمكن بالتالي؛ منع اﻷتراك من تسهيل خروج اللاجئين.

واستشعار اﻷوربيين أن تركيا بحاجة لغطاء قانوني، وعسكري، لضبط إيقاع وجودها العسكري، في الشمال السوري المحرر، وتبريره.

وﻻ يبدو أن اﻷتراك في موقف ضعف بالنسبة لملف اللاجئين، على عكس السنوات السابقة، بل سيكون جادا في حال استمر النظام والروس بقتل المدنيين.

والراجح أن تركيا تحرك الراكد الأوروبي، لتشكيل تحالف جديد معهم، وفق شروطها، تستطيع فيه مواجهة الروس واﻹيرانيين.

وبرزت التهديدت التركية من خلال بعض التقارير الصحفية، التي تصدرت لها "تركيا برس"، والتي حذرت بالقول؛ "ﻻ تزال أوروبا غير مدركة وغير مبالية بتدفق جديد لنحو 3 ملايين لاجئ في طريقه حاليا من سوريا. لا ينبغي للاتحاد الأوروبي الذي أخفق حتى الآن في الوفاء بوعوده لتركيا فيما يتعلق باللاجئين، الاعتماد على تركيا هذه المرة. 

ويشار إلى أنّ تركيا تستضيف وحدها أكثر من 4 ملايين لاجئ من سوريا.

أوروبا مدركة للخطر

عمليا أوربا من خلال تلك التصريحات تدرك أن تركيا لم تعد وجهة لموجة جديدة من الهجرة. إذ لا يمكن منطقيا استيعاب 7 ملايين لاجئ في تركيا. 

ومن الطبيعي أيضا أنّ قدرة اليونان ودول أوروبا الشرقية الأخرى ضعيفة لمنع موجة الهجرة الجديدة إليها. وغالبا ما سيتجه الفارون إلى دولٍ أوروبية أكثر غنى "أوروبا الغربية"، وسيعني ذلك حسب محللين أن تكون الفرصة مواتية لـ 4 ملايين لاجئ في تركيا لمحاولة عدم تفويت فرصة الانطلاق، إذا أتيحت. 

كما تدرك الدول اﻷوربية أنّ أنقرة لن تكون قادرة على استخدام العنف ضد هؤلاء المهاجرين.

والراجح أنّ أنقرة تحاول إخراج اﻷوربيين عن صمتهم وتصريحاتهم الكلامية إلى فعل حقيقي، من خلال إقناعهم بأنّ الوضع في إدلب خطير للغاية، وسبق أنْ أعلنت أنقرة بأنه؛ "لا يمكن لأحد استيعاب ملايين اللاجئين إذا سقطت إدلب... ليس تهديدا بل حقيقة".

رفضت مجموعة تابعة لميليشيا محلية رديفة للفرقة الرابعة، من أبناء قرية كفير الزيت في وادي بردى، الانصياع لأوامر الفرقة الرابعة بنقلهم إلى الشمال السوري، وزجهم على جبهات القتال المشتعلة فيها.

وأفاد موقع "صوت العاصمة" المتخصص بنقل أخبار دمشق وريفها أن المجموعة رفضت المشاركة في معارك ريف حلب الغربي، بعد مقتل العقيد "محمد الصقر" المسؤول عن الميليشيات المحلية في منطقة "وادي بردى" بريف دمشق الغربي.

وأضاف الموقع، أن الميليشيا تتبع للفرقة الرابعة في نظام الأسد ومكونة من 40 عنصرا بقيادة "محمد خير الكردي" وتوارى قسم كبير منهم عن الأنظار بعد صدور أوامر من قيادة الفرقة بنقلهم إلى غربي حلب.

وأضاف، أن الحواجز العسكرية المحيطة بمنطقة "وادي بردى" غربي دمشق فرضت حالة تدقيق على المارة منها إخضاع المتطوعين في صفوف الميليشيات المحلية لعمليات الفيش الأمني.

تتواصل المعارك والمواجهات بين قوات النظام وإيران تساندها الطائرات الروسية من جهة، وبين فصائل المعارضة من جهة ثانية، على جبهات الطريق الدولي ومحاور ريف إدلب الشرقي حيث تستكمل روسيا بالتدريج السيطرة بالقوة العسكرية على المنطقة العازلة وعلى الطريق الدولي، في هذه الأثناء بدى وكأن إدلب ومحيطها المحرر يقاد نحو مرحلة سياسية وجيوسياسية جديدة، ستبدأ من حيث ينتهي إليها أصحاب المدفعية بانتظار أن تعلن الولايات المتحدة صافرة النهاية أو بداية منعطف جديد في موقفها من محاولة روسيا السعي للانفراد بالهيمنة المطلقة على سوريا، لتصحو أنقرة على سقوط أوهامها التي عقدتها على الشراكة في سوريا مع موسكو قبل خمس سنوات، حيث كانت تهدف إلى إبعاد شبح العملية العسكرية التي ستتسبب بكارثة انسانية كبرى وموجات نزوح لمئات آلاف السوريين نحو الداخل التركي، فسارعت إلى تعزيز تواجدها العسكري داخل إدلب بعد أن باتت نقاطها العسكرية الـ 12 المنتشرة في منطقة خفض التصعيد محاصرة بغالبيتها من قوات النظام وإيران التي تسعى للتمدد بشكل أكبر في شمالي سوريا وصولاً للحدود التركية في مناطق الشمال الغربي من سوريا.

المعارك التي لم تتوقف منذ أبريل/نيسان 2019، مكنت قوات الأسد وإيران من استعادة السيطرة على مساحة واسعة من منطقة خفض التصعيد في ريف إدلب الشرقي وريف حلب الجنوبي، كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة، إلى جانب تحقيقها تقدما سريعا مكنها من الوصول إلى الطريق الدولي إم 5 والسيطرة على غالبيته.

وقد اعتبرت الحكومة التركية تلك الهجمات تصعيدا من قبل نظام الأسد، ينسف جهود حلف أستانا وكذلك اتفاق سوتشي الموقع منتصف أيلول/ سبتمبر 2018. 

صحوة تركية 

مع بداية الأسبوع الأول من معارك شهر فبراير/شباط الجاري، بدى واضحا أن الأتراك استيقظوا على خديعة روسيا لهم، وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه لم يعد هناك شيء اسمه "مسار أستانا" بشأن سوريا، في إشارة منه إلى استمرار نظام الأسد في انتهاك اتفاقات وقف إطلاق النار.

حيث قال أردوغان: "لم يتبق شيء اسمه "مسار أستانا" علينا نحن (تركيا وروسيا وإيران) إحياؤه مجدداً والنظر فيما يمكن أن نفعله؛ في حال التزمت روسيا باتفاقي سوتشي وأستانا، فإن تركيا ستواصل الالتزام بهما، روسيا لم تلتزم إلى الآن بالاتفاقيتين". 

وفي السياق هدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظام الأسد ومَن خلفه، أي روسيا وإيران قائلاً: "لولا الأولى جواً، والثانية برّاً، لسقط النظام"، وأمهل الأسد كحدّ أقصى حتى نهاية الشهر الجاري كي تنسحب ميليشياته إلى حدود ما قبل "اتفاق سوتشي"، أي خلف نقاط المراقبة التركية الـ 12 في منطقة خفض التصعيد، كما هدّد بـ "الردّ عسكرياً، براً وجواً، على أيّ عمل عسكري سوري يستهدف الجيش التركي وحلفاءه شرق الفرات وغربه"، وأكد أن "تركيا لن تنسحب من سوريا إلا بعد إسقاط نظام الأسد وإقامة نظام ديموقراطي يمثّل كل الشعب السوري وبعد القضاء على الإرهابيين". 

ولم يغفل تأكيد أهمية العلاقات الروسية ــ التركية بإعلانه أنه "بحث تفاصيلها مع الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين وسيلتقي به خلال أيام".

واستنفر الجيش التركي كل قواته البرية والجوية والبحرية بالإضافة لفصائل الجيش الوطني السوري، وعلى مدار أسبوع، تتوالى الحشود العسكرية التركية إلى الأراضي السورية والتي تضمنت مئات الدبابات وسيارات الإسعاف العسكرية وناقلات الجند المصفحة، وسط إجراءات أمنية مشددة انتشرت جميعها في محيط إدلب وفي مطار تفتناز العسكري وباتت المنطقة على شفير حرب.

صراع الإرادات

على الرغم من التحالف القائم بين تركيا وروسيا، إلا أن هناك تصدعات ملحوظة بدأت أماراتها بالظهور إثر تدهور الأوضاع العسكرية  في إدلب ومحيطها، يجسدها تهديد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالمواجهة العسكرية ضد نظام الأسد لإبعاده عن النقاط التركية المحاصرة، كانت المعطيات بمجملها تؤشّر إلى ارتفاع حدة التصعيد في ما يبدو صراع إرادات تضع التفاهمات الروسية - التركية على المحكّ، حيث تشير التحركات السياسية والعسكرية بما يخص الوضع في إدلب إلى ملامح عملية عسكرية تركية واسعة، بدأت تظهر مع تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما قال: "قوات نظام الأسد ستنسحب من أماكن وجود نقاط المراقبة". وفي خطابه التصعيدي الأخير أمام البرلمان التركي أكّد أردوغان: "طيران النظام السوري لن يحلق بعد الآن فوق إدلب كما يشاء"، وأوضح أن "الهدف من قصف النظام هو تفريغ المنطقة بالكامل من خلال إجبار السكان على التحرك نحو حدودنا كي تُحتلّ إدلب بسهولة". 

وأضاف: "تركيا لن تظل صامتة حيال ما يجري في إدلب، رغم تجاهل الجميع للمأساة الحاصلة هناك، يجب أن لا ننسى أن كفاح حرية الشعب السوري هو كفاح 83 مليون مواطن تركي من أجل البقاء، الشعب السوري له الحق في البقاء داخل أرضه وهذه مسؤوليتنا".

وقال مصدر عسكري من الجيش الوطني لبلدي نيوز: "قيادة الجيش طلبت من جميع الفصائل العسكرية في مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات والجبهة الوطنية للتحرير، رفع الجاهزية وإخراج جميع الأسلحة الثقيلة وإرسالها إلى محافظة إدلب". 

وأشار المصدر إلى أن الأعداد ستكون بين 6 و7 آلاف مقاتل من مناطق "درع الفرات وغصن الزيتون" كدفعة أولى، حيث سيتم إرسالها إلى محافظة إدلب في الأيام القادمة في ظل المهلة التي أعطاها الرئيس التركي لقوات النظام إن لم تنسحب من جميع المناطق التي سيطرت عليها في محافظة إدلب في وقت سابق". 

ومنذ تصريح الرئيس التركي وقواته مازالت تعزز وجودها في محافظة إدلب بالعدة والعتاد والمقاتلين بأعداد ضخمة شبيهة بتلك التي دخلت قبيل عمليات "درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام"، ومع هذا، خضعت أنقرة لاختبار إرادة أدناها مواصلة العمليات العسكرية في ريفي حلب وإدلب، وأعلاها تكرار مشهد مقتل جنودها، ليزداد التوتر بإعلان تركيا شن عملية عسكرية باتجاه سراقب ووقوع أنقرة مرة أخرى في المصيدة الروسية، فعندما كانت الأصابع على الزناد طلبت التريث من فصائل المعارضة وتأجيل العمل، فيما أوعزت روسيا لقوات الأسد أثناء الاجتماع في أنقرة باستهداف الجيش التركي في مطار تفتناز مما أسفر عن مقتل جنود أتراك، وتوهم الروس أن الرد التركي لن يرقى لحجم تكرار الاستهداف، معتبرين أن النظام وبدفع منهم سيكرر استهداف النقاط التركية كرسالة روسية واضحة للجانب التركي بأن أي تصعيد في المنطقة سيكون الأتراك تحت مرمى القصف والاستهداف، واصطدمت تهديدات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمام حادثة أخرى أسفرت عن مقتل خمسة من جنوده في نقطة مطار تفتناز، فسارعت الحكومة التركية لعقد اجتماع برئاسته، وأفادت مصادر في الرئاسة أنه "تقرر خلال الاجتماع الذي عقد مساء الاثنين الماضي، الرد بالمثل على الهجوم، وألا تذهب دماء الشهداء سدى"، حسب ما ذكرت المصادر. 

وأضافت: "كما جرى التأكيد على أن أي هجوم لن يثني عزيمة تركيا التي تتواجد في إدلب بهدف منع الاشتباكات، وضمان أمن حدودها، والحيلولة دون حدوث موجة نزوح وكارثة انسانية جديدتين". 

وتفاجأت موسكو بانطلاق عملية عسكرية شنتها فصائل المعارضة المسلحة صباح الثلاثاء على محور سراقب أدت إلى استعادة مساحة واسعة من قرية النيرب الاستراتيجية وإسقاط  طائرة مروحية بصاروخ موجه، مما يشير إلى تحول استراتيجي بالموقف الدولي الرافض للتمدد الروسي في محافظة إدلب. 

مع اقتراب قوات النظام وروسيا إلى محيط مدينة دارة عزة وسيطرته على "الفوج 111" (الشيخ سليمان) بريف حلب الغربي، أصبح معبر الغزاوية الإنساني التجاري تجاه مناطق "درع الفرات وغصن الزيتون" تحت مرمى نيران المدفعية التابعة للنظام، ما يشكل كارثة على منطقة "خفض التصعيد الرابعة" من حصار مشابه كسابقها من الغوطة الشرقية وحلب.

وبعد أن سيطر النظام على بلدة الزربة بريف حلب الجنوبي اتجه شمالا نحو الفوج 46، وأكمل مسيرة التقدم تجاه الفوج 111 والذي يطل على مدينة دارة عزة ومعبرها الإنساني والذي يعتبر الملاذ الوحيد للمدنيين من الفرار خارج المنطقة "إدلب" من قصف النظام وتقدمه على مدنهم وقراهم في إدلب وحلب. 

وأصبح يتخوف النازحون الهاربون من أرياف حلب وإدلب من الدخول إلى مدينة دارة عزة لاسيما بعد القصف المتكرر للنظام على البنى التحتية للمدينة وإخراج مشافي المدينة عن الخدمة وقصفه منازل المدنيين بالراجمات والمدفعية والطيران الحربي، واستشهاد مدني نازح قبل يومين أثناء مروره من داخل المدينة أثناء توجهه إلى منطقة "درع الفرات".

من جهته؛ يرى الناشط الإعلامي سعيد صبيح من مدينة دارة عزة لبلدي نيوز، إن سيطرة النظام على الفوج 111 أصبح معبر الغزاوية في خطر كبير وتحت مرمى نيران نظام الأسد، ما يعني أن ما تبقى من معابر تجاه مناطق الشمال الحلبي هو معبر "أطمة" الحدودي الزراعي والذي يعتبر غير مهيء لعبور السيارات بسبب عدم تجهيزه أو الاهتمام به.

أصدر فريق منسقو استجابة سوريا، اليوم الأربعاء، بيانا قال فيه، إن هناك الآلاف من المدنيين هذا العام تستقبل الشتاء لأول مرة بعيدا عن ديارها بعد أن أُجبِروا على الفرار من العمليات العسكرية في شمال غرب سوريا. 

وأضاف البيان "نزح أكثر من 6,341 عائلة، أي ما يعادل 36,144 نسمة خلال 48 ساعة الماضية، لترتفع أعداد النازحين منذ 16 كانون الثاني/يناير إلى 80,922 عائلة (462,747 نسمة) وبذلك وصل عدد النازحين داخليا منذ تشرين الثاني 2019 وحتى تاريخ اليوم إلى 845,213 نسمة.

وأوضح الفريق في بيانه "أن آلاف الأسر السورية في المنطقة تواجه فصل الشتاء بعواصفه وصقيعه وسط الفقر والعوز، وفيما تتدنى درجات الحرارة وإمكانية وصولها إلى 6 درجة تحت الصفر، تعيش الكثير من الأسر النازحة في الخيام والمباني غير المكتملة والمجهّزة، وهم عاجزون من توفير أبسط سبل الدفء".

ولفت الفريق، أن المخيمات الحالية للنازحين داخليا تعاني من الاكتظاظ فيما بات من المحدود إيجاد المأوى في المنازل القائمة، وتغص العديد من المدارس والمساجد بالعائلات النازحة، وحتى العثور على مكان في مبنى غير مكتمل بات من الأمور شبه المستحيلة، حيث ازدادت أعداد المخيمات في مناطق شمال غرب سوريا بشكل ملحوظ خلال الشهرين الأخيرين لتصل أعداد المخيمات إلى 1,259 مخيما يقطنها 1,022,216 نسمة من بينها 348 مخيما عشوائيا يقطنها 181,656 نسمة. 

وأشار الفريق إلى أن الغالبية العظمى من النازحين هم من النساء والأطفال الذين لا يزالون، إلى جانب غيرهم من النازحين داخليا، بحاجة ماسة إلى المساعدة والحماية الأساسية، وتشمل الاحتياجات الرئيسية الغذاء والمأوى والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية والحصول على التعليم، وتبرز الحاجة الماسة في الوقت الحالي إلى المأوى، في وقت تتفاقم فيه الأوضاع بسبب الأحوال الجوية القاسية لفصل الشتاء، وقد اضطر العديد من الأشخاص للفرار عدة مرات، تاركين وراءهم ممتلكاتهم في ظل محدودية الأماكن التي يمكنهم المكوث فيها.

وأكد الفريق في بيانه، أن هناك عددا كبيرا من الأطفال النازحين الذين لا يذهبون إلى المدرسة، فالمدارس إما أنها لا تملك القدرة على استضافة تلاميذ إضافيين أو يتم إغلاقها لأنها تؤوي الآن النازحين، مما يضع ضغوطاً كبيرة على البنية التحتية التعليمية غير الكافية أصلا".

وناشد الفريق "جميع الفعاليات الاقليمية والدولية العمل على مساعدة السكان المدنيين في مناطق شمال غرب سوريا من خلال زيادة العمليات الإنسانية في المنطقة لمواجهة أزمتي النزوح والشتاء الأخيرين والعمل على تأمين احتياجات المدنيين بشكل عاجل".

استشهد مدني وأصيب آخرون، ليلة الأمس الاثنين ، في مدينة الدانا شمالي إدلب بقصف مدفعي من قبل قوات النظام المتمركزة بريف حلب الغربي حيث استهدف القصف الأحياء السكنية للمدنيين.

كما استهدفت الطائرات الحربية الروسية، بعدة غارات جوية القسم الشرقي لجبل الأربعين جنوب إدلب، مخلفةً أضرار مادية.

وقصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة، مدن  قميناس وسرمين وبنش شرق إدلب، خلال ساعات الفجر الأولى،  بالإضافة لقصف قرية مرعند غربي المحافظة.

في السياق، استمرت التعزيزات التركية العسكرية بالوصل إلى إدلب،  حيث دخل رتلان عسكريان خلال ساعات الليل من معبر كفرلوسين.

اسقطت فصائل المعارضة العسكرية، اليوم الثلاثاء، طائرة مروحية تابعة لقوات النظام، بمحيط بلدة قيمناس شرقي إدلب.       

وقال مصدر خاص في إدلب، إن فصائل المعارضة أسقطت الطائرة خلال تنفيذها عملية عسكرية معاكسة على قوات النظام، لاستعادة المواقع التي تقدم إليها شرقي إدلب، مشيرا إلى أنها أسقطت الطائرة بصاروخ موجه مضاد للطائرات. 

وأوضح المصدر، أن الفصائل العسكرية استهدفت الطائرة بصاروخ موجه مضاد للطائرات، أثناء تحليقها في أجواء بلدة النيرب وقصفها مواقعهم للحيلولة دون تقدمهم على مواقع النظام والميليشيات. 

وأشار إلى أن الطائرة سقطت قرب قيمناس جنوب إدلب، بعد احتراقها بشكل كامل في أجواء المنطقة، مؤكدا أن جثة الطيار تفحمت داخل الطائرة.

 

تخطط قوات النظام لإطباق الحصار على ريف حلب الغربي بشكل كامل، متبعة خطة الالتفاف عليهم وقضم أكثر من 20 مدينة وبلدة. 

ومنذ أن سيطرت قوات الأسد بدعم روسي جوي وإيراني بري، على بلدة الزربة الواقعة على طريق "دمشق - حلب"، أوقف تقدمه باتجاه المناطق المحيطة بمدينة "سراقب" بريف إدلب الشرقي، واتجه شمالا وغربا نحو قرى "القناطر وكفرحلب والشيخ علي"، وسيطر على الفوج 46 والذي يبعد ما يقارب 10 كم عن الطريق الدولي "M5" والذي يطل على كامل ريف حلب الغربي. 

وفي هذه الأثناء، بدأت الأرتال التركية بالدخول بكثافة إلى الأراضي السورية وتتجه معظمها نحو ريف حلب، حيث تمركزت معظم تلك الأرتال في منطقة "الأتارب والجينة وكفركرمين والتوامة"، وبدأت تقصف بالمدفعية الثقيلة مواقع قوات النظام في الفوج 46 العسكري، في رسالة واضحة بعدم التقدم إلى مدينة الأتارب والتي تتمركز في عمق الشمال السوري. 

وفسر مراقبون القذائف التركية وتمركز الأرتال العسكرية للجيش التركي في المناطق "آنفة الذكر" رسالة واضحة للنظام بعدم تقدمه غربا، حيث اتجه النظام عقب سيطرته على منطقة الفوج باتجاه الشمال، وسيطر على بلدات "أورم الكبرى وأورم الصغرى وعاجل وعويجل والمنصورة وكفرجوم وريف المهندسين الثاني وكفرناها وخام العسل" في وقت سيطر ناريا على قرى "بسرطون وحور وعينجارة وكفرتعال" بريف حلب الغربي.

ومع وصول النظام إلى أطراف قرية بسرطون، طالب معظم النشطاء المحليين جميع المدنيين المتواجدين في مناطق "بالة والشيخ عقيل وقبتان الجبل وعندان وحيان وحريتان" بريف حلب الغربي والشمالي بإفراغ قراهم فورا تخوفا من تقدم مفاجئ للنظام إلى مناطقهم.

وسبق أن أكد الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني "ناجي مصطفى" لبلدي نيوز؛ على أن ما تشهده مناطق ريف حلب وإدلب من انسحابات وانحيازات لفصائل المعارضة يأتي بسبب سياسة القصف الممنهجة والتي تتبعها روسيا وبإشراف من ضباط وقوات خاصة روسية والتي تدير غرفة عمليات النظام فضلا عن مشاركة جميع الميليشيات الطائفية الموالية للنظام من حزب الله والايرانيين والعراقيين.

استهدفت فصائل المعارضة بعربة مفخخة مواقع قوات النظام على محور ميزناز بريف حلب الغربي، اليوم الاثنين. 

وقال مراسلنا بريف حلب، "إن فصائل المعارضة فجرت بعربة مفخخة مواقع قوات النظام على محور ميزناز بريف حلب الغربي، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام والمليشيات التابعة له". 

وأضاف مراسلنا، أن فصائل المعارضة استطاعت اغتنام دبابتين لقوات النظام على محور ميزناز بريف حلب الغربي، فيما تزال الاشتباكات تجري بين فصائل المعارضة وقوات النظام بعدة قرى بريف حلب الغربي.  

وتمكنت فصائل المعارضة من صد محاولة تقدم جديدة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية على بلدة كفر حلب بريف حلب الغربي، صباح اليوم الاثنين.

يشار أن الطيران الحربي الروسي ارتكب العديد من المجازر في ريف حلب الغربي بعد غارات جوية استهدفت منازل المدنيين والتي نجم عنها استشهاد 28 مدنيا وجرح العشرات. 

الجدير بالذكر أن قوات النظام والميليشيات الإيرانية بدعم جوي من الطيران الروسي، سيطرت على معظم قرى وبلدات ريف حلب الجنوبي خلال الأيام القليلة الماضية.